قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب 1 ما أغنى عنه ماله وما كسب 2 سيصلى نارا ذات لهب 3 وامرأته حمالة الحطب 4 في جيدها حبل من مسد 5}
  بالحسك، فتطرحها في طريق المسلمين، فبينا ذات يوم حاملة حزمة حطب فأعيت، فقعدت على حجر لتستريح، فأتاها ملك، فجذبها من خلفها فأهلكها، وقيل: «حَمَّالَةَ الْحَطَبِ» أي: حمالة الخطايا، عن سعيد بن جبير، وأبي مسلم. ونظيره: {يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ}[الأنعام: ٣١] ويقولون: فلان يحطب على ظهره: إذا أساء. «فِي جِيدِهَا» عنقها «حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ» قيل: تحمل الحطب بحبل من ليف ذمًّا لها، عن أبي علي. وأراد خبثها وعداوتها للنبي ÷ حتى تُلْقِيَ الشوك في طريقة على ما تقدم، وقيل: سلسلة من حديد سبعون ذراعًا تدخل من فيها وتخرج من دبرها، وتدار على عنقها في النار، عن ابن عباس، وعروة بن الزبير. وقيل: ذلك الحبل الذي كان ينقل الشوك يكون في عنقها في النار، وذلك نحو قوله: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا}[التوبة: ٣٥]. وقيل: حمالة الحطب عبارة عن حمل الآثام، والحبل عبارة عن لزومها له، فإن الشيء يُشَدُّ بالحبل، وقيل: حلق من حديد، عن السدي. وقيل: من ليف.
  ومتى قيل: كيف يبقى الليف في النار؟
  قلنا: كما تبقى أعضاء الإنسان.
  وقيل: معناه: كان في الدنيا ليفًا، وفي الآخرة نارًا، عن الضحاك.
  وقيل: كانت خرزات في عنقها، عن الحسن.
  وقيل: كانت لها قلادة فاخرة في عنقها حلفت لتنفقها في عداوة محمد.
  وقيل: حبال من شجر باليمن يقال: لها مسد، عن ابن زيد.
  · الأحكام: تدل السورة على معجزة له ÷؛ إذ أخبر عن أمرها، وكان كما أخبر.
  ومتى قيل: أكان يقدر على الإيمان مع هذا؟
  قلنا: نعم، وإنما الوعيد بشرط ألا يؤمن، ولو تاب لقبلت توبته، والقدرة على خلاف المعلوم تصح، كما يقدر الله تعالى، وكما يقدران بقدرة، وكما أمره به، وذلك لا يكون؛ لأنه تعالى إنما علم الشيء على ما يكون.