قوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق 1 من شر ما خلق 2 ومن شر غاسق إذا وقب 3 ومن شر النفاثات في العقد 4 ومن شر حاسد إذا حسد 5}
  في جهنم، عن ابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعن بعض أصحاب النبي ÷ الفلق: بيت في النار، إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره، عن كعب. وقيل: الفلق جميع الخلق، عن ابن عباس. وقيل: جُبٌّ في جهنم، عن السدي. وقيل: واد في جهنم، عن الكلبي. وقيل: الفلق الجبال تنفلق بالمياه أي تنشق. وقيل: الحب والنوى تنفلق بالنبات. وقيل: البطن تنفلق بالحيوان. «مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» أي: من شر جميع الخلق. وقيل: (ما) بمعنى المصدر؛ أي: من شر خلقه. وقيل: من شر كل ذي شر مما خلق من الجن والإنس والسباع والطيور والهوام. وقيل: هو استعاذة من كل مكروه، فيتناول الشر في الدين والدنيا؛ لأن كثيرًا من الناس والسباع والهوام شرهم في النفس، وكثير من الإنس والجن شرهم في الدين، والظَّلَمَةُ شرهم في المال، وعلماء السوء وأهل البدع شرهم في الدين، فأمر بالاستعاذة من الجميع.
  وقيل: (ما) يتناول ما لا يعقل، فالمراد به الجمادات من مصائب الدنيا والآخرة.
  «وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ» أي: من شر الليل إذا دخل بظلامه، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد. والغاسق: الليل، سمي بذلك لظلمته، والمراد: ما يحدث في الليل من الشر والمكروه، كما يقال: أعوذ من شر هذه البلدة، وخص الليل بالذكر؛ لأن الغالب من الشر يقع فيه، والفساق يقدمون على الجنايات ليلاً، وكذلك السباع والهوام يؤذون بالليل، ولأن المتنبه يحفظ نفسه. وقيل: الغاسق إذا وقب: النجم إذا طلع، وروي مرفوعًا، رواه أبو هريرة. وعن عائشة أنه القمر، وقيل: الثريا: إذا سقطت، وكانت الأسقام تكثر عند ذلك، وترتفع إذا طلعت، عن ابن زيد.
  «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ» قيل: السحرة، عن الحسن، وقتادة.
  والتعوذ من شرهم لوجوه:
  أحدها: إيهامهم أنهم يمرضون ويصحُّون، ويفعلون أشياء بالحيل من النفع والضر، فينفثون في العقد، وجهال العوام يصدقونهم في ذلك، فعظم الضرر بذلك؛ لأنه كُفْرٌ وفساد في الدين، فأمر الله بالتعوذ منهن لأجل هذا الضرر، ولأجل أن من صحح ذلك تنسد عليه طريق معرفة النبوات والشرائع، وذلك من أعظم الشرور.