قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون 232}
  ويدل قوله: «وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه» أن العصيان مع كثرة النعم أعظم، ونبه على عظيم نعمه، ونبه على وعظ يجمع بين الأمر والنهي والوعد والوعيد، ونبه بآخر الآية بكونه عالمًا لضمائرهم ليكونوا خائفين وجلين.
  وقد استدل بعضهم بالآية على أن الخلع ليس بطلاق؛ لأنه تعالى ذكر تطليقتين، ثم الخلع، ثم قال: «فَإنْ طلقها» فلو كان الخلع طلاقًا لكانت التطليقات أربعًا.
  قلنا: اللَّه تعالى بَيَّنَ الطلاق بغير بذل وأحكامه من ثبوت الرجعة وغيره، ثم بَيَّنَ حكم الطلاقين ببذل؛ ليعلم حكمه من امتناع الرجعة، ثم بَيَّنَ حكم الثالث ببذل وغير بذل، وأنه يحرم في الحالين العقد إلا بعد زوج.
  واستدل بعضهم بقوله: «أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسانٍ» على أن لفظ السراح صريح في الطلاق؛ لأن المراد به الطلاق ههنا، وهذا لَا يصح؛ لأن القرآن يَرِدُ بالصريح والكناية كقوله: «أَنْ يَتَرَاجَعَا» و {فَكُّ رَقَبَةِ} {أَوْ تَحرِيرُ رَقَبَةٍ} وعلى أن المراد بالتسريح تركها حتى تنقضي عدتها، فما ذكره ممنوع.
قوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٢٣٢}
  · اللغة: العَضْلُ: أصله المنع ظلمًا، وقيل: أصله التضييق والشدة، ومنه يقال للأمر المشكل الذي يضيق منه المخرج: أمر معضل، وداء عضال الذي أعيا الأطباء لشدته.
  وأزكى: أنمى وأعظم بركة، يقال: زكا المال إذا كثر، وللزكاة معنيان: أحدهما النماء والزيادة، ومنه زكا الزرع، والثاني: الطهارة، ومنه: «يُزَكِّيكُمْ».