التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير 233}

صفحة 936 - الجزء 2

  بدلالة الاسترضاع؛ لأنه لا يكون إلا للأولاد، ولا يجوز: دعوت زيدًا، يريد لزيد؛ لأنه يجوز أن يكون المدعو زيدًا؛ إذ معنى دعوت زيدًا لعمرو بخلاف دعوت زيدًا، فلا يجوز، للالتباس.

  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى حكم الطلاق وافتراق الزوجين بَيَّنَ حكم الأولاد الصغار المحتاجين إلى التربية، وبَيَّنَ حكم الرضاع ومدته، وما يجب فيه من النفقة والكسوة فقال تعالى: «وَالْوَالِدَاتُ» قيل: المطلقات اللاتي لهن الأولاد من أزواجهن ولدن قبل الطلاق أو بعده، عن الأصم، وقيل: بل هو عام في جميع الزوجات، عن أبي علي «يُرْضِعْن أَوْلاَدَهُنَّ» قيل: معناه الخبر، وتقديره: حق الوالدات أن يرضعن وقيل: صيغته صيغة الخبر، ومعناه الأمر، وإنما جاز ذلك لوجهين: قيل: لأن تقديره: والوالدات يرضعن أولادهن في حكم اللَّه الذي أوجبه، فحذف لدلالة الكلام عليه، وقيل: لأن معنى يرضعن: ليرضعن، فجاز ذلك للتصرف في الكلام مع رفع الإشكال، وهذا أمر استحباب لا أمر إيجاب، ومعناه أنهن أحق برضاعهن من غيرهن بدليل قوله: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} ثم بين مدة الرضاع فقال: «حَوْلَينِ كَامِلَينِ» يعني عامين تامين أربعة وعشرين شهرًا، وإنما ذكر كاملين لرفع التوهم أنه على طريقة سرنا يوم الجمعة، وإن كان السير في بعضه، ويُقال: أقمنا حولين، وإن كانت الإقامة في بعضهما، وولد فلان عام كذا، وقيل: ذكر كاملين للتأكيد، والأول الوجه، واختلف العلماء في هذا الحد أهو لكل مولود أو للبعض، فقال ابن عباس: ليس لكل مولود، لكن إن ولدت لستة أشهر فحولين، وإن ولدت