التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير 233}

صفحة 938 - الجزء 2

  بألا ترضع الأم، أو يمنعها الأب، وقيل: الضرر يرجع إلى الولد كأنه يقول: لا يضار كل واحد منهما بالصبي: الأم بألا ترضعه، والأب بألا ينفق أو ينزعه من الأم، والباء زائدة، وتقديره: لا تضار والدة ولدها ولا الأب، «وَعَلَى الْوَارِثِ» قيل: وارث الولد، عن الحسن وقتادة والسدي، وهو من يرثه إذا مات، وقيل: وارث الوالد، عن قبيصة بن ذؤيب، والأول أصح، واختلفوا أي وارث هو؟ فقيل: العصبات دون الأم والإخوة من الأم، عن عمر والحسن ومجاهد وعطاء وسفيان وإبراهيم، وقيل: وارث الصبي من الرجال والنساء على قدر النصيب من الميراث، عن قتادة وابن أبي ليلى وغيرهم، قالوا: النفقة على قدر الميراث، وقيل: على الوارث ممن كان ذا رحم محرم دون غيرهم مثل ابن العم المولى، عن أبى حنيفة وأصحابه، وقيل: على الوارث أي الباقي من أبويه، عن سفيان وجماعة، وقيل: على الوارث يعني الصبي الذي هو وارث أبيه، إن أجر الرضاع من ماله، فإن لم يكن له مال أجبرت أمه على الرضاع، ولا يجبر على نفقة رضاعه إلا الوالدان، عن الشافعي، والوالد فقط، عن مالك «مِثْلُ ذَلِكَ» قيل: من النفقة والكسوة، عن إبراهيم، وقيل: من ترك الإضرار، عن الشعبي والزهري والضحاك، وقيل: منهما عن أكثر أهل العلم «فَإِنْ أَرَادَا» يعني الوالدين «فِصَالاً» فطامًا، قيل: قبل الحولين، عن مجاهد وقتادة وسفيان، وقيل: قبله أو بعده، عن ابن عباس، فإن لم يتراضيا رجعا إلى الحولين، وقيل: «فِصَالاً» يعني مفاصلة بين الوالد والوالدة أي تراضيا، عن أبي مسلم «عنْ تَرَاضٍ منهُمَا وَتَشَاوُرٍ» يعني اتفاق منهما ومشاورة، وإنما شَرَطَ تراضيَهُما؛ لأن الوالدة تعلم من تربية الصبي ما لا يعلمه الوالد، فَشَرَطَ تراضيَهُما، وشرط المشاورة مصلحة للولد، إذ لو لم يفكر أو لم يشاور أدى إلى ضرر الصبي قال «فَلاَ جُناحَ عَلَيهِمَا» أي لا حرج عليهما، عن ابن عباس وغيره «وَإنْ أَرَدْتم» أيها الآباء «أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلاَدَكم» يعني تطلبوا مراضع لهم غير أمهاتهم لإباء الأم الرضاعة، أو لعلة بهن أو لانقطاع لبن أو