قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير 234}
  قول الكسائي والفراء، وأنكر الزجاج وأبو العباس ذلك؛ لأنه لا يكون مبتدأ لا خبر له، ولا خبر ولا مخبر عنه.
  ويُقال: لم قال عشرًا بلفظ التأنيث، وإنما العدة على الأيام والليالي، ولم يجز «عندي عشر من الرجال والنساء»؟
  قلنا: لتغليب الليالي على الأيام إذا اجتمعت في التاريخ وغيره؛ لأن ابتداء الشهور والأهلة الليالي، وحكى الفراء صمنا عشرًا من شهر رمضان، ولو أضاف إلى الأيام لقال عشرة أيام.
  · المعنى: لما تقدم عدة المطلقات بين عدة الوفاة فقال تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكمْ» أي يُقْبَضُونَ ويموتون «وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا» أي يتركون أزواجًا، والمعنى كانوا أزواجًا، وإن كن في الحال أجنبيات، والحال يشهد بالمراد، كقولهم: باع فلان داره يعني ما كان داره، وكقوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} يعني كانوا أيتامًا «يَتَرَبَّصْنَ» أي ينتظرن انقضاء العدة للوصول إلى النكاح، ويحبسن أنفسهن معتدات «أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» يعني عشر ليال وعشرة أيام قيل: إنما أراد عشرًا لأن الزوج يمسك في الجسد فيها، عن سعيد بن المسيب، «فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ» يعني آخر العدة بانقضائها «فَلاَ جُنَاحَ عَلَيكُمْ» أي لا حرج عليكم يعني الأولياء قيل: إنه خطاب للأولياء؛ لأنه يتولى العقد، وقيل: للجميع لأنه يلزمهم منعها من التزويج في العدة، وقيل: تقديره لا جناح عليكم يعني على النساء وعليكم «فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ» من النكاح والزينة بعد انقضاء العدة «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» عليم بأعمالهم فاجتنبوا مخالفة أمره ونهيه.