التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير 234}

صفحة 945 - الجزء 2

  في النزول، وعليه إجماع الفقهاء غير أبي مسلم، فإنه أبى نسخها، وسنبينه من بعد إن شاء اللَّه.

  والآية تدل على وجوب العدة فقط، وأما الإحداد فلا ذكر له في الآية، وإنما يُعْلَمُ بالسنة، وقد قيل: المتوفى عنها زوجها يلزمها الإحداد، وهوَ اجتناب الزينة والطيب، وترك النقلة، وللمتوفى عنها زوجها أن تخرج نهارا فقط بخلاف المطلقة عن أكثر الفقهاء، وقال نفاة القياس: لا إحداد عليها، فأما المبتوتة فعليها الإحداد عند أبي حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: لا إحداد، ولا إحداد على الرجعية، وكذلك على الصغيرة والكافرة وأم الولد إذا مات عنها مولاها، وقال الشافعي: على الصغيرة الإحداد، وعلى الأمة والمكاتبة الإحداد، ولا إحداد في النكاح الفاسد.

  واختلفوا في عدة الوفاة إذا كانت ببلاغ خَبرٍ، فقيل: من يوم الوفاة، وظاهر الآية يدل عليه، وهو قول أكثر الفقهاء، وقيل: من يوم بلغها الخبر والأول أصح.

  واختلفوا في الأشهر فقيل: الاعتبار بالأهلة، وقيل: إذا كانت الوفاة في أثناء الشهور فبالأيام، والصحيح أن ما يمكن عده بالأهلة تعتد بها، وإذا كان في أثناء الشهر تعتد بقية الشهر بالأيام ثم تعتد بالأهلة كشهر رمضان والحج، هذا قول أبي يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: تعتد بالأيام.

  واختلفوا في العشرة فقيل: الاعتبار بالليالي، تنقضي العدة بعشر ليال، وقيل: بالأيام، فما لم تنقض عشرة أيام لا تنقضي العدة، والأول أقرب إلى الظاهر، والثاني أحوط، وأقرب إلى التعارف.