قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون 17}
  ثم اختلف هَؤُلَاءِ على ثلاثة أوجه: فقيل: النون محذوفة، وأصله الَّذِينَ، قال الشاعر:
  أَبَنِي كُلَيْبٍ إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا ... قَتَلاَ المُلوكَ وَفَكَّكَا الأغلآلاَ
  فحذف النون من «اللذان»، وقيل (الذي) اسم مبهم يصلح للواحد والجمع كـ (مَنْ)، قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ} وقال: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} فأخرج مرة على اللفظ، ومرة على المعنى؛ لإبهامه، كذلك (الذي)، قالوا: ولاحاجة إلى الحذف.
  وقيل: يقال للواحد: اللذ، وللاثنين اللذان، وفي الجمع الَّذِينَ، والذي جمع الجمع، قال الشاعر:
  قَدْ كُنْتَ فِي الأمْرِ الَّذي قَدْ كِيدَا ... كَاللذْ تَزَبَّى زُبْيَةً فَاصطِيدَا
  وفي التثنية: أبني كليب إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا.
  وفي الجمع:
  وَإِنَّ الَّذِي حَانت بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ
  الثاني: أن يكون (الذي) على التوحيد، فيصح ذلك في التقدير؛ وذلك لأن الشبه في الحقيقة هو استضاءة المنافقين بالإيمان كاستضاءة المستوقد بالنار، وإذا قدر على هذا الوجه يستوي فيه الواحد والجمع؛ لأن التقابل يقع لحال هَؤُلَاءِ بحال أولئك؛ لهذا يقال: يحسن لو شبهت الجماعة بالجماعة، أو شبهت الجماعة بالواحد، كما يقال، ما هم إلا كالبهيمة.
  وقيل: أراد تشبيه كل واحد من هَؤُلَاءِ بواحد من أولئك، كما يقال: هَؤُلَاءِ الأَسدُ، يعني كل واحد منهم كالأسد، وهذا يقرب من الذي تقدمه.