قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد 267}
  عليها، وهو موضع خفف، والأصل عنده «إنْ»؛ لأن الكلام في معنى الجزاء وهو «إن أغمضتم بعض الإغماض أخذتموه»، ومثله: {إِلَّاَ أَن يَخَافَاَ أَلَّا يُقِيمَا حُدُوَد اللَّه} وأنكر ذلك أبو العباس المبرد، وقال: «إن» هذه التي بمعنى المصدر مفتوحة على كل حال، وذلك نحو: أن تأتي خَيرٌ لك، وإنما المعنى: ولستم بآخذيه إلا لإغماضكم فيه.
  · النزول: روي أن الأنصار كانت تأتي بتمر الصدقة فتضع في المسجد ليأكل منها فقراء المهاجرين، وكان بعضهم يأتي بالحشف فيدخله فيها، ويظن جوازه فنزلت الآية، عن ابن عباس والبراء بن عازب وقتادة، وقيل: كان بعضهم يتصدق بشرار ثماره ورذالة ماله ويعزل الجيد لنفسه، فنزلت الآية، عن علي # ومجاهد والضحاك.
  · المعنى: لما أمر اللَّه تعالى بالإنفاق، وبين صفة المنفق، وأنه يجب أن ينوي التقرب، وأن يحفظها عما يفسدها، وعقب بذكر صفة الإخراج، وهو ألا يتبعها منًّا ولا أذى بين صفة الصدقة، ثم عقبه بصفة المتصدق عليه ليكون جامعًا في البيان، فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» نداء للمتصدقين «ويا أيها الناس» نداء للناس المكلفين، و «يا أيها الرسول» خاص في الأنبياء، وقيل: كل شيء في القرآن «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» فإنما أنزل بالمدينة، وكل ما فيه «يا أيها الناس» نزل بمكة، عن الحسن وعلقمة «أَنفِقُوا» أخرجوا من مالكم «مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كسَبْتُم» قيل: من حلال ما كسبتم، عن ابن مسعود ومجاهد، وقيل: من خيار ما كسبتم بالتجارات والصنائع «وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ» من