التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين 278 فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون 279}

صفحة 1062 - الجزء 2

  وتدل على أن الثواب لا تنغيص فيه، وأن المؤمن لا يلحقه هَمٌّ؛ لذلك قال: «وَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ».

  وتدل على دوام الثواب؛ إذ لو جاز الانقطاع لكانوا في أعظم حزن وأشد خوف.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٢٧٨ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ٢٧٩}

  · القراءة: قرأ عاصم وحمزة «فآذِنوا» مفتوحة الألف ممدودة، والذال مكسورة من آذنت أي أعلمت، وقرأ الباقون «فَأْذَنُوا» ساكنة الهمزة مفتوحة الذال مقصورة من أذنت به آذن إذنًا إذا أعلمت له، والأول بمعنى فأعلموا غيركم. والثاني: فاعلموا أنتم وقراءة العامة: «وَذَرُوا مَا بَقِيَ» وهي لغة الحجاز، وقرأ الحسن «ما بَقَى» بالألف، وهي لغة طيء.

  وقراءة العامة: «لاَ تَظْلِمُونَ» بفتح التاء، وروى أبان والمفضل عن عاصم بضم التاء.

  · اللغة: ذروا: دعوا واتركوا، ولم يجز وَذرَ ولا واذِر، وإنما جاء يَذَرٌ وذَرْهُ ولا تذر لكراهة الواو مبتدأة حتى لم ترد أولا في كلمة كزيادة أختيها الياء والهمزة، واستعملوا يذر؛ لأنه لا يظهر فيه الواو، ونظيره: يدع، قال الخليل: إذا التقت واوان في أول الكلمة أشبه نباح الكلاب، فأما وعد فجاء على الأصل.

  والحرب: القتال، والحرب: الشدة وهو الأصل، سمي القتال حربًا لشدته.

  والأذان: الإعلام، ومنه يسمى الأذان أذانًا، ومنه الإذن؛ لأنه به يعلم.