قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم 282}
  مشغول على جهة الإضرار به، أدغم أحد الراءين في الآخر، ونصب بحق التضعيف لاجتماع الساكنين، والفتح أخف الحركات، فحركت إليه.
  ويقال: لم أظهرت اللامين في قوله: «فَلْيُمْلِل»؟
  قلنا: لأن الأخيرة ساكنة، وإذا سكنت الأخيرة لا تدغم كقولك اُرْدُدْ، ولو تحركت أدغمت كقولك: رُدَّ، ويملُّ أدغم؛ لأن اللام قد تحركت؛ لأنك قد نصبتها ب (أَنْ) وجزمت «فليملل»؛ لأنه أمر؛ فلذلك لم تدغم.
  ويُقال: ما زنة «ترتابوا»، وأصله؟
  قلنا: تَفْتَعِلُوا من الريبة، وأضله تَرْتَيِبُوا إلا أن الياء لما تحركت وما قبلها مفتوح قلبتها ألفًا ساكنة.
  ويُقال: بم نصب (أن) في قوله: «وَلاَ تَسْأَمُوا أَنْ»؟
  قلنا: هو في محل النصب لوجهين: إن شئت جعلته مع الفعل مصدرًا تقديره:
  ولا تسأموا كتابته، وإن شئت بنزع حرف الصفة تقديره: ولا تسأموا من أن تكتبوه.
  ويقال: إلى ماذا يجود الهاء في قوله: «تَكْتُبُوهُ»؟
  قلنا: على «الحق».
  ويقال: لمَ انتصب «صغيرًا»؟
  قلنا: لوجهين: أحدهما: على الحال، والثاني: أن تجعله خبرًا لـ (كان)، وأضمرت يعني: ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا كان الحق أو كبيرًا.
  · المعنى: لما حرم تعالى الربا رخص في السَّلَم والمداينات، فلما أمر بالإنظار أمر بالاستيفاء قبل الكتابة والإشهاد فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسوله «إِذَا تَدَايَنتُم» أي داين بعضكم بعضًا يعني أعطاه دَيْنًا بدين، ذكر الدين مع المداينة لوجهين: