التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب 7}

صفحة 1099 - الجزء 2

  · النزول: عن ابن عباس أن رهطًا من اليهود، منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف أتوا النبي ÷ وقالوا: بلغنا أنه أنزل عليك «الم»؟ فقال: «نعم»، فقالوا: إن كان ذلك حقًّا فملك أمتك إحدى وسبعون سنة، فهل أنزل عليك غيرها؟ قال: «نعم - «المص»، قالوا: هذا أكثر إحدى وثلاثون ومائة سنة، فهل غيرها؟ قال: «نعم» «المر» قالوا: هذا أكثر هي مائتان وإحدى وثلاثون سنة، ولقد خلطت علينا، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: نزلت في وفد نجران خاصموا النبي ÷، فقالوا: ألست تزعم أن عيسى كلمة اللَّه وروح منه؟ قال: «بلى» قالوا: فحسبنا. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وقيل:

  نزلت في المنافقين، عن ابن جريج.

  · المعنى: لما تقدم بيان إنزال القرآن عقبه ببيان كيفية إنزاله فقال تعالى: «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيكَ الْكِتَابَ» يا محمد، والكتاب: القرآنْ «مِنْهُ» من الكتاب «آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ» «وَأُخَرُ مُتَشابِهَاتٌ» قيل: المحكم ما أحكم المراد به، فيستغني عن البيان لوضوحه، والمتشابه ما يحتاج فيه إلى البيان لاشتباه المراد، وقيل: المحكم الناسخ، والمتشابه المنسوخ، عن ابن عباس وقتادة والضحاك والربيع والسدي، وقيل: المحكم ما لم تشتبه معانيه، والمتشابه ما اشتبهت معانيه، عن مجاهد، وقيل: المحكم ما لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا كقوله: {اللَّهُ لَا إلَهَ إِلَّا هُوَ}، والمتشابه ما يحتمل وجوهًا كالاستواء والوجه واليد ونحوه، عن مجاهد ومحمد بن جعفر وابن الزبير وأبي علي. وقيل: المحكم الذي لم يتكرر لفظه، والمتشابه هو المتكرر الألفاظ، عن ابن زيد، وقيل: المحكم ما يعلم تعيين تأويله، والمتشابه ما لا يعلم تعيين تأويله، نحو: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} عن جابر بن عبد اللَّه، وقيل: المحكم ما يعلم المراد منه من غير نظر، والمتشابه ما لا يعلم المراد به إلا بنظر عن الأصم «هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ» يعني الآيات المحكمات أم الكتاب، قيل: أصل الكتاب الذي يرد إليه المتشابه، ووحد «أم»