قوله تعالى: {قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار 13}
  ويقال: لم قال: «كان»، ولم يقل كانت؟ والفئة مؤنثة؟
  قلنا: لأنه رده إلى البيان، أي قد كان لكم بيان هذا آية، فذهب إلى المعنى وترك اللفظ، وقال الفراء: ذَكَّرَهُ لأنه فرق بينهما بالصفة، فلما حالت الصفة بين الفعل والاسم المؤنث ذُكِّر الفعل «ترونهم» ولم يقل: «ترونها»؛ لأن الفئة في معنى قوم، يرجع إلى المعنى، «وَرْأيَ» نصب على المصدر، وقيل: بنزع حرف الصفة أي في نظر العين.
  · النزول: قيل: نزلت الآية في قصة بدر، وكان عدد المشركين ألفًا، عن علي وابن مسعود، وقيل: ما بين تسعمائة إلى ألف، عن عروة بن الزبير وقتادة والربيع، فأما عدد المسلمين فثلاثمائة وبضعة عشر، وقيل: ثلاثمائة وثلاثة عشر على عدد أصحاب طالوت منهم: سبعة وسبعون من المهاجرين، والباقي من الأنصار، وصاحب راية رسول اللَّه ÷ والمهاجرين: علي بن أبي طالب، وصاحب راية الأنصار: سعد بن عبادة، وكان في الجيش سبعون بعيرًا، وفرسان، فرس للمقداد، وفرس لمرثد بن أبي مرثد، وستة أدرع، وثمانية سيوف، وكان رأس المشركين: عتبة بن ربيعة، وهو أول مشهد شهده رسول اللَّه ÷، وكان سبب الوقعة عير أبي سفيان قدم من الشام، فخرج رسول اللَّه ÷ من المدينة، وبعث أبو سفيان إلى مكة يعلمهم ذلك، فخرجوا والتقوا ببدر، وشهد الوقعة الملائكةُ وحاربوا، ولم يحاربوا في غيرها، وشهدها مؤمنو الجن، وشهد في عسكر الكفار إبليس والشياطين على ما نطق به القرآن.