التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم 18 إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب 19}

صفحة 1120 - الجزء 2

  بل العامل فيه (اختلف) على تقدير: وما اختلف فيه بغيًا بينهم إلا الَّذِينَ أوتوه، عن الأخفش، وقيل: نصب على المصدر أي بغوا بَغْيًا، وقيل: على الحال أي في حال البغي.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في نصارى نجران لما حاجوا في أمر عيسى #، عن أبي جعفر محمد بن الزبير، وقيل: في اليهود والنصارى أي حين تركوا اسم الإسلام وتسموا باليهودية والنصرانية، وقيل: إن أهل الكتاب وجدوا في كتبهم: شهد اللَّه، فسألوا النبي ÷: أي الشهادة أكبر؟ فنزلت الآية. وقيل: إنهم قالوا: ديننا أفضل من دينك يا محمد. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · المعنى: لما تقدم ذكر الإيمان واختلافهم بالتوحيد بَيَّنَ تعالى الحق، فقال: «شَهِدَ اللَّه» فقيل: بين، وقيل: حكم، عن مجاهد، وقيل: قضى اللَّه، عن الفراء وأبي عبيد، وقيل: أعلم، عن المفضل، وقيل: شهد بتدابيره العجيبة وصنعه عند خلقه «أنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ»، عن الأصم «أنَّهُ لاَ إِلَهَ» يعني ليس أحد يحق له العبادة غيره؛ لأنه الخالق الرازق المنعم الهادي، وإليه مفزع الخلق «وَالْمَلَائِكَةُ» يعني وشهد الملائكة بإقرارهم له بالربوبية، كقوله: {شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} يعني أقررنا، «وَأُوْلُوا الْعِلْمِ» قيل: الأنبياء، وقيل: المهاجرون والأنصار، عن الأصم، وقيل: علماء مؤمني أهل الكتاب، عن مقاتل، وقيل: علماء المؤمنين كلهم، عن السدي «قَائِمًا بِالْقِسْطِ» قيل: قائما بالعدل، يعني يقوم بإجراء الأمور وتدابير الخلق وجزاء الأعمال بالعدل «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» كلمة الإخلاص في الآية، وقيل: ذكر أولاً ليعلم أنه لا يحق العبادة لغيره، وذكر ثانيًا ليعلم أنه القائم بالقسط لا يظلم ولا يجور «الْعَزِيزُ» القادر «الْحَكِيمُ» قيل: