قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون 23 ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون 24 فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 25}
  · المعنى: لما تقدم ذكر القرآن وكفرهم بين تعالى إعراض اليهود عن كتابهم الذي يزعمون أنهم تمسكوا به، فقال تعالى معجبا نبيه من حالهم ومبينًا أنهم إذا لم يجيبوا إذا دعوا إلى كتابهم فكيف يأمل أن يجيبوا القرآن: «أَلَمْ تَرَ» قيل: معناه ألم تعلم، وقيل: بل المراد به رؤية العين، وقيل: هو تعجيب، عن الأصم، وقيل: بل تقريع لهم ووعيد «إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا» أعطوا «نَصِيبًا» حظّا «مِنَ الْكِتَابِ» قيل: الكتاب التوراة، والَّذِينَ أوتوا نصيبًا اليهود، عن ابن عباس والزجاج وأبي علي، وقيل: الكتاب التوراة والإنجيل، والَّذِينَ أوتوا اليهود والنصارى، عن أبي مسلم، وإنما قال: «نَصِيبًا» لأنهم يعملون ببعض ما فيه دون كله «يُدْعَوْنَ إِلَى كِتاب اللَّه» إلى الإيمان به واتباع أحكامه، قيل: التوراة دعا إليها اليهود فأبوا وامتنعوا منَ الإجابة لعلمهم بلزوم الحجة، عن ابن عباس وجماعة، وقيل: دعوا إلى القرآن عن الحسن وقتادة والسدي وأبي مسلم لأن ما فيه يوافق ما في التوراة من أصول الديانة والصفة التي تقدمت بها البشارة «لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ» ليفصل بينهم الحق من الباطل، واختلفوا في الحكم المدعو إليه فقيل: بنبوة محمد وما في كتبهم من البشارة به، عن أبي مسلم وجماعة، وقيل: دين إبراهيم، وقيل: في أمر الرجم وليس في الكتاب بيان ذلك، وقد وقعت المنازعة في جميع ذلك فيجوز حملها على الجميع «ثُمَّ يَتَوَلَّى» يعرض «فَرِيقٌ» جماعة «منهم» وهم العلماء؛ لأن العوام لا معرفة لهم بالكتاب «وَهُمْ مُعْرِضُونَ» وإنما ذكر التولي والإعراض؛ لأن معناه يتولى عن الداعي «وَهُمْ مُعْرِضونَ» عما دعا إليه وكل واحد غير الآخر، وقيل: ذكر ذلك تأكيدًا «ذَلِكَ بأنهم قَالُوا» يعني ذلك الإعراض والعناد من علمائهم إنما كان لقولهم: «لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ»، وقيل: ذلك الجزاء لهم على قولهم «بأنهم قالوا»، يعني لأنهم «قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ» أي لا تصيبنا على مخالفة النبي ÷ النار «إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُوداتٍ» قيل: الأيام التي عبدوا فيها العجل، وهي أربعون يومًا، عن الحسن وقتادة والربيع، غير أن الحسن قال: سبعة أيام، وقيل: أيامًا منقطعة ينقضي العذاب بانقضائها، عن أبي علي «وَغَرَّهُم» أطمعهم فيما لا مطمع «فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا