قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون 23 ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون 24 فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون 25}
  يَفْتَرُونَ» يكذبون، قيل: هو قولهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} وقيل: هو قولهم: «لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ»، عن مجاهد، وقيل: غرهم قولهم: إنا على الحق وأنت على الباطل «فَكَيفَ» تنبيه بصيغة السؤال على حال من يساق إلى النار يعني كيف حالهم «إِذَا جَمَعْنَاهُمْ» حشرناهم جميعًا للجزاء، قيل: لجزاء يوم، وقيل: في يوم «لَا رَيْبَ فِيهِ» أي لا شك في كونه، وهو يوم القيامة «وَوُفِّيَتْ» وفرت؛ أي أعطيت تامًا «كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ» قيل: جزاء ما كسبت من خير أو شر، وقيل: ما كسبت من ثواب أو عقاب على معنى اجتلبت بعملها كقولهم: كسب المال بالتجارات والغلات بالزراعة، والمراد بالتوفية أنه يتوفر عليه في كل وقت ما يستحقه من ثواب. أو عقاب، فأما ما يستحقه فلا نهاية له، فلا يجوز إيصالها إليه «مَا كَسَبَتْ» عملت «وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ» قيل: لا يبخس عن حقهم شيء، وقيل: لا ينتقص عن ثوابهم ولا يزاد على المستحق من عقابهم.
  · الأحكام: تدل الآية أنه دعاهم إلى الكتاب فتولوا لما علموا من لزوم الحجة، والأظهر أنه دعاهم إلى التوراة في صفته بثبوت نبوته فإنهم علموا ذلك فتولوا، قال القاضي: وقد خصهم بأنهم أوتوا الكتاب ولا يليق ذلك إلا بالتوراة، فالدعاء واقع إلى ذلك الكتاب.
  وتدل على وجوب إجابة من دعا إلى كتاب البه.
  وتدل على أن في اليهود من يقول بانقطاع العذاب، وإنكاره عليهم يدل على أن من حق العقاب أن يدوم في كل شريعة؛ لأن ما ذكره من النكير لا يختص، عن أبي علي.
  وتدل على أن الثواب والعقاب جزاء على الأعمال، وأن كل نفس تجازى بما عملت فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المسألتين.
  وتدل على نفي الظلم عنه.
  وتدل على عناد اليهود، قال الأصم: وفيه تسلية للنبي ÷ بأنهم إذا لم يجيبوا إلى كتابهم، فكيف يجيبون إلى كتابك؟.