التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير 26 تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب 27}

صفحة 1133 - الجزء 2

  · المعنى: لما تقدم ذكر التوحيد والإيمان علم رسوله كيف يدعوه ويثني عليه فقال تعالى: «قُلِ» يا محمد «اللَّهمَّ» يا اللَّه «مَا لِكَ الْمُلْكِ» يعني مالك كل ملك، وهذه صفته لا تصح إلا له، وقيل: مالك أمر الدنيا والآخرة، وقيل: مالك العباد وما ملكوا، وقيل: الملك ههنا النبوة، عن مجاهد وسعيد بن جبير «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ» فيه محذوف أي من تشاء أن تؤتيه «وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاء» أي تنتزعه عنه كقولك: خذ ما شئت ودع ما شئت، واختلف المفسرون فقيل: تؤتي الملك محمدًا وأصحابه وأمته، وتنزعه من صناديد قريش، وقيل: تنزعه من الروم وفارس، وتعطيه العرب، وقيل: تؤتي النبوة من تشاء من عبادك وتوليه أمرهم، وتنزعه من الجبارين، عن السدي، وقيل: تعطي الملك من تشاء بالأموال وأسباب الدنيا، وتنزعه ممن تشاء بالموت أو تلاشي سبب الملك، وقيل: تؤتي ملك الجنة من تشاء من المؤمنين، وتنزع عمن تشاء من الكافرين والمنافقين «وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ» قيل: تعز المؤمنين بالطاعة، وتذل الكافرين بكفرهم، وقيل: تعز من تشاء بالنعمة، وتدل من تشاء بسلب النعمة، عن الأصم، وقيل: تعز النبي ÷ والمهاجرين والأنصار، وتدل كفار قريش يوم بدر، وقيل: هو عام في إعزاز الأنبياء والمؤمنين، وإذلال الكافرين في الدارين «بيَدِكَ الْخَيرُ» يعني أنت قادر على كل خير في الدارين «إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» فَعِيل من قادر، فهو القادر على جميع الأشياء، لا يعجزه شيء، قادر على إيجاد المعدوم، وإفناء الموجود، وإعادة ما كان موجودًا «تُولِجُ اللَّيلَ فِي النَّهَارِ وتولج النهار في الليل،» قيل: تدخل أحدهما في الآخر حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة، والليل تسع ساعات، ثم تنقص من هذا، وتزيد في الآخر حتى يصير على الضد، وقيل: تجعل ما نقص من أحدهما زيادة في الآخر، عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي، وقيل: يأتي بالليل بعد النهار، والنهار بعد الليل، فيدخل أحدهما في الآخر بإثباته بدلاً منه، عن أبي علي «وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ» قيل: الحي من النطفة وهي ميتة، والنطفة من الحي، فكذلك الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة، عن عبد الله ومجاهد والضحاك والسدي وقتادة وابن زيد، وقيل: المؤمن