التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين 33 ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم 34}

صفحة 1144 - الجزء 2

  و «آل» نصب ب «اصطفى»، أي واصطفى آل إبراهيم.

  و «إبراهيم» محله جر؛ لأنه مضاف إليه إلا أنه لا ينصرف، وكذلك «عمران» لا ينصرف.

  و «ذرية» قيل: نصب على الحال، وقيل: على البدل، وقيل: بمحذوف؛ أي واصطفى ذُرِّيَّة، ويجوز فيها الرفع على ذلك ذرية بعضها من بعض ابتداء وخبر.

  · النزول: عن ابن عباس: قالت اليهود: نحن أبناء إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ونحن على دينهم ومنهاجهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · النظم: يقال: كيف يتصل (إن اللَّه اصطفى آدم) الآية بما قبله؟

  قلنا: وقعت المنازعة في إبراهيم وعيسى، واختلفت أقوال اليهود والنصارى، فَبَيَّنَ طريقتهم، وأن من اتباع الرسول أن يقال فيهم ما يقوله هو، وقيل: لما أمر بطاعة الرسول وأبوا ذلك بَيَّنَ أنه كما اصطفاه لرسالته اصطفى قبله الأنبياء، فلا وجه لإنكارهم نبوته.

  · المعنى: «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا» قيل: اختارهم لنبوته، وقيل: اختار دينهم كقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} عن الفراء، وقيل: اختارهم على عالمي زمانهم للنبوة لما علم من صلاحهم لذلك، عن أبي علي والزجاج، وقيل: اختارهم بالتفضيل على غيرهم بما رتبهم عليه من الأمور الجليلة لما فيه من المصلحة، عن أبي القاسم، وقيل: اختار آدم بأن خلقه من غير واسطة، وأسكنه جنته، وأسجد له ملائكته، وأرسله إلى الملائكة والإنس، واختار نوحًا بطول العمر والنبوة وإجابة الدعوة، وغرَّق قومه، ونجاه في السفينة، واختار إبراهيم بالخلة وتبريد النار، وإهلاك النمرود «وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ» وقيل: أراد نفس إبراهيم ونفس عمران كقوله: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} يعني موسى وهارون، وقال الشاعر: