التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم 35 فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم 36}

صفحة 1146 - الجزء 2

  يقع إلا على البشر، ومنهم من قال: يعم الكل، وعلى كلا القولين ليس في الاصطفاء دلالة التفضيل، وإذا حمل على أنه تعالى اختارهم للنبوة يدل على ذلك.

قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ٣٦}

  · القراءة: قرأ علي بن أبي طالب # وأبو بكر عن عاصم وابن عامر ويعقوب «وَضَعْتُ» برفع التاء على تقدير أنها حكاية كلامها، وقرأ الباقون بالجزم على أنها كلام اللَّه تعالى، وعن بعضهم بكسر التاء على المخاطبة لها.

  النذر: ما يوجبه الإنسان على نفسه، ومنه: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} ومنه يقال: نذر دمه أي أوجب على نفسه قتله، ومنه: {يُوفُونَ بِالنذرِ} نزل في علي وأهل بيته.

  «مُحَرَّرًا» فقيل: هو التحرير وهو العتق، ومنه: {وَتَحريرُ رَقَبَةٍ}.

  وأصله من الحرية يقال: حررته تحريرًا أعتقته وجعلته حرًّا، وقيل: هو من تحرير الكتاب؛ أي أخلصته من الفساد وأصلحته.

  والتقبل: أخذ الشيء على الرضا به كتقبل الهدية.

  والوضع: الحط، ومنه الموضع مكان الحط.

  والرجيم: الرجم بالحجارة، والرجم: القذف بالغيب؛ لأنه يرمي به العبد، والرجوم: النجوم؛ لأن من شأنها أن يرمى بها الشياطين، وفي التنزيل: {رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}.