التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إذ قالت امرأت عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم 35 فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم 36}

صفحة 1147 - الجزء 2

  · الإعراب: يقال: ما موضع (إذ) من الإعراب؟

  قلنا: فيه أربعة أقوال:

  الأول: نصب ب (اذكر) إذ قالت، عن الأخفش وأبي العباس.

  الثاني: ب (اصطفى آل عمران) إذ قالت، عن الزجاج.

  الثالث: بمعنى «سميع عليم إذ قالت»، فيعمل فيه معنى الصفتين على تقدير:

  مدرك لنيتها وقولها إذ قالت، عن علي بن عيسى.

  الرابع: (إذ) زائدة فلا موضع لها من الإعراب، عن أبي عبيدة، وهذا غير صحيح؛ لأنه لا يحكم بالزائدة، ولها معني صحيح.

  «مُحَرَّرًا» نصب على الحال على تقدير: نذرت لك الذي في بطني محررًا، والعامل فيه «نذرت».

  والهاء في «وضعتها» يرجع إلى ما في «نذرت لك ما في بطني» وجاز ذلك لوقوع (ما) على المؤنث، وقيل: إلى معلوم قد دل عليه الكلام.

  والتاء في «وضعتْ» جزم على الإخبار كقولهم: ذهبتْ وقامتْ، وانرفع على الحكاية، كقولهم: ذَهَبْتُ وقُمْتُ.

  · المعنى: لما ذكر تعالى أنه اصطفى آل عمران عقبه بقصة مريم ابنة عمران، فقال تعالى: «إِذْ قَالتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ» وهي حنة أم مريم جدة عيسى #، وكانتا أختين إحداهما عند عمران، والأخرى عند زكريا فيحيى ومريم ابنا خالة، وعمران من ولد سليمان بن داوود، وعن ابن إسحاق قال ابن عباس ومقاتل: وليس بعمران أبي موسى، وبينهما ألف وثمانمائة سنة «رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ» أوجبت على نفسي لك ولرضاك «مَا فِي بَطْنِي» وكانت حنة قد أمسك عنها الولد حتى أَسنَّتْ، وكانوا أهل