قوله تعالى: {هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء 38 فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين 39}
  · المعنى: لما قص اللَّه تعالى حديث مريم بين أن زكريا لما عاين أحوالها سأل الولد فقال تعالى: «هُنَالِكَ» أي في تلك الحال «دَعَا» قيل: لما رأى من فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء على خلاف المعتاد طمع في رزق الولد من العاقر، وإن كان بخلاف المعتاد، وقيل: لما رأى كرامة مريم وعظم حالها أحب أن يكون له ولد مثلها فدعا، وقيل: إنه تعالى أذن له في الدعاء، وكان دليل وقت الدعاء المأذون فيه ما رأى، فعند ذلك دعا زكريا، وقيل: لما رأى علوقَ مريمَ ظهر مِنْ غير ذَكَرٍ قَوِيَ رجاؤهُ فَدَعَا، وقيل: هذا لا يصح؛ لأن ولادة يحيى متقدمة على ذلك، وقيل: دخل المحراب وأغلق الباب وناجى ربه، فقال: «رَبِّ» يعني «يا رب» حذف حرف النداء استغناء بكسر الباء عن حرف النداء «هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ» أي أعطني من عندك «ذُرِّيَّة» ولدًا أو نسلاً، الذرية يكون واحدًا وجمعًا وذكرًا وأنثى، وهو ههنا واحد لأنه قال في موضع آخر: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَليًّا} «طيبة» قيل: مباركة، عن السدي، وقيل: صالحة تقية نقية العمل، وقيل: يطيب الذكر فيها «إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ» قيل: سامع الدعاء، وقيل: مجيب الدعاء كقوله: {إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ٢٥} أي أجيبوني، ومنه: سمع اللَّه لمن حمده «فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ» قيل: جبريل وحده، عن السدي، وقيل: جماعة من الملائكة، وقيل: جاء النداء من قبل الملائكة، وقيل:
  جبريل معه غيره «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَاب» يعني في المسجد، ومنه: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ} أي من المسجد «أَنَّ اللَّه يُبَشرُكَ بِيَحْيَى» قيل: سمي يحيى لأنه تعالى أحياه بالإيمان، عن قتادة، وقيل: سماه اللَّه تعالى بهذا الاسم قبل مولده، وقيل: أحيا به عقر أمه، عن ابن عباس، وقيل: أحيا قلبه بالنبوة، وقيل: بشره بالولد وأنه يحيا لا يموت صغيرًا «مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّه» قيل: الكلمة هي عيسى، عن ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والضحاك والسدي وأكثر أهل العلم، وقيل: بكتاب من اللَّه عن أبي عبيدة.
  ويقال: لم سمي عيسى كلمة؟
  قلنا: فيه ثلاثة أقوال: