قوله تعالى: {ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون 50 إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم 51}
  كان محرمًا في شريعة موسى، فأحلها عيسى #، عن قتادة والربيع وابن جريج ووهب، وقيل: منها السبت، عن أبي مسلم، وقيل: معناه كل الذي حرم عليكم، وهو أن قومًا من اليهود حرموا عليهم أشياء لم يحرمها اللَّه، فجاء عيسى بتحليل ذلك، عن أبي عبيدة، قال: ويجوز وضع البعض موضع الكل كقول الشاعر:
  أَبَا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فاسْتَبِقِ بَعْضَنَا ... حَنَانَيْكَ بَعْضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ
  يعني من الكل، وقيل: كُلُّ مَا حرم عليهم بذنوبهم، نحو كل ذي ظُفُر والسبت أحله عيسى، وما حرم عليهم تعبدًا لم يحل، عن الأصم «وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ» أي بحجة وهي المعجزات التي تقدم ذكرها «فاتَّقُوا اللَّهَ» يعني معاصيه «وَأَطِيعُونِ» فيما آمركم به بعد إظهار البينات «إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ» خالقي وسيدي وخالقكم وسيدكم، يعني لا تنسبوني إليه فأنا عبد له كما أنتم عبيد له «فاعْبُدُوهُ» يعني اعبدوا اللَّه وحده «هَذا» يعني ما بينت لكم «صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ» أي طريق قيم، قيل: طريق تؤدي إلى الجنة، وقيل: تؤدي إلى الحق.
  · الأحكام: تدل الآيات على أنه بعث مصدقًا بالتوراة على وجه التعبد، ولا يكون كذلك إلا ويكون متعبدًا إلا ما نسخ.
  وتدل على بطلان قول النصارى في المسيح، وأن ما هم عليه ليس بطريقة عيسى #.
  وتدل على أن التوحيد هو الطريق المستقيم والدين القويم، ولا يقال: إن قوله: «لأحل» يدل على أن للنبي أن يحل ويحرم؛ وذلك لأن قوله: «لأحل» يعني. بأمر اللَّه تعالى.
  ويدل قوله: «فَاتَّقُوا اللَّهَ» على أن التقوى والطاعة فِعْلُ العبد؛ لذلك أمرهم به.