قوله تعالى: {إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون 55 فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين 56 وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين 57 ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم 58}
  أي أوفاني، كما تقول: سلمت إليه وتسلمت منه، وقد جرى معنى التوفي على الميت حتى صار كالحقيقة فيه.
  والرفع خلاف الوضع، وهو الإصعاد من مكان منخفض إلى مكان مرتفع، ويستعمل في المنزلة توسعًا، يقال: رفيع الجاه، ورفعه الأمير.
  والمرجع: المصير أخذ من الرجوع.
  · الإعراب: يقال: ما عامل الإعراب في (إذ)؟
  فجوابنا: قيل: قوله: «وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّه وَاللَّه خَيرُ الْمَاكِرِينَ، إِذْ قَالَ» وقيل: تقديره: ذاك إذ قال.
  ويُقال: لِمَ لَمْ يصرف عيسى؟
  قلنا: لاجتماع العجمة والتعريف.
  «نتلوه» موضعه رفع لأنه خبر (ذلك)، وقيل: لا موضع له؛ لأنه صلة بتقدير:
  الذي نتلوه، ويكون موضع (الآيات) رفعًا؛ لأنه خبر (ذلك)، عن الزجاج.
  «متوفيك» رفع لأنه خبر (إن) وعلامة الرفع سكون الياء.
  و (من) في قوله: «مِن نَاصِرِينَ» دخل على النفي كقولك: ما عندي من طعام ولا من شراب، والمعنى: ما عندي طعام ولا شراب، كذلك ههنا معناه: ما لهم ناصرون، ولو قلت: عندي من طعام لم يجز؛ لأن هذا ليس بنفي، عن الأخفش.
  و (الذكر) تقديره من الذكر، (الحكيم): نعتٌ للذكر.
  · المعنى: لما بَيَّنَ تعالى ما هم به قوم عيسى من مكره وقتله عقبه بما أنعم عليه من لطيف تدبيره وحسن تقديره فقال سبحانه: «إِذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ» فيه عدة أقوال: