قوله تعالى: {إذ قال الله ياعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون 55 فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين 56 وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين 57 ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم 58}
  أولها: قابضك برفعك إلى السماء من الأرض من غير وفاة موت، عن الحسن وكعب وابن جريج وابن زيد، وتقديره على هذا إني قابضك وافيًا لم ينالوا منك شيئًا.
  وثانيها: متوفيك وفاة موت، عن ابن عباس وابن إسحاق ووهب، ثم اختلفوا، فقال وهب: توفي ثلاث ساعات، ثم رفع وأحيي، وقيل: توفي سبع ساعات، ثم أحياه اللَّه، ورفعه، عن ابن إسحاق.
  وثالثها: متوفيك وفاة نوم للرفع إلى السماء، عن الربيع، قال اللَّه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}.
  ورابعها: أن فيه تقديمًا وتأخيرًا؛ يعني إني رافعك ومطهرك ومتوفيك بعد ذلك، عن الضحاك والفراء. وقيل: الواو لا توجب الترتيب، ففي الآية أنه تعالى يفعل هذه الأمور فأما كيف يفعل ومتى يفعل؟ فهو موقوف على الدليل، وقد ثبت بالدليل أنه حي، وورد الخبر عن النبي ÷ أنه سينزل ويقتل الدجال، وليس في العقل والشرع ما يمنع منه إلا أن مشايخنا يقولون: إنه إن نزل ينزل عند ارتفاع التكليف، وعن النبي، ÷: «كيف تهلك أمة أنا في أولها، وعيسى في آخرها، والمهدي من أهل بيتي بوسطها».
  «وَرَافِعُكَ إِلَيَّ» قيل: إلى سمائي، فذكر نفسه تفخيمًا لذلك، وقيل: مصيرك إلى كرامتي، كما يقال: رفع السلطان فلانًا «وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» قيل: مخرجك من بينهم وهم أرجاس، ومنجيك منهم، وقيل: منجيك من كفرهم فلا تسمعهم ولا تراهم عن الأصم، وقيل: تطهيره منعه من كفر يفعلونه بالقتل الذي كانوا هموا به؛ لأن ذلك رجس طهره اللَّه منه، عن أبي علي «وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قيل: هم أهل الإيمان به دون الَّذِينَ كذبوه، عن الحسن وقتادة وابن جريج والربيع والشعبي ومقاتل، يعني الَّذِينَ اتبعوا دينه وسنته في التوحيد. وغيره، وهم أمة محمد ÷ يكونون ظاهرين إلى يوم القيامة، وقيل: هم النصارى فوق اليهود، وحيثُ كانوا إلى يوم القيامة، عن ابن زيد، وعن أبي علي قال: وفيه دليل أنه