التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون 59 الحق من ربك فلا تكن من الممترين 60 فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين 61}

صفحة 1189 - الجزء 2

  العلم، وقيل: بل هناك قول علامة للملائكة على ما يريد إنشاءه، عن أبي الهذيل وأبي بكر أحمد بن علي «الْحَقُّ» يعني هذا هو الحق، وقيل: «الْحَقُّ مِنْ رَبّكَ»، وإنما أضافه إلى نفسه تنبيهًا وتأكيدًا وتعليما، وتقديره: ذلك الحق؛ لأنه من ربك «فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» من الشاكِّين، قيل: هو خطاب له، والمراد أمته، وقيل: معناه: ما جاءك من العلم أنه عبده ورسوله، عن قتادة، وقيل: بالحق رد فيه على قوله: «الْحَق مِنْ رَبِّكَ» «فَقُلْ» يا محمد «تَعَالَوْا» يعني لهَؤُلَاءِ النصارى، وهم وفْد نجران، هلموا إلى حجة قاضية قاطعة تميز الكاذب من الصادق «نَدْعُ أَبْناءَنَا» يعني الحسن والحسين «وَأَبْنَاءَكم» خطاب لمن حَاجَّهُ من النصارى، يعني من شئتم من أبنائكم «وَنِسَاءَنَا» يعني فاطمة «وَنِسَاءَكُمْ» من شئتم «وَأَنْفُسَنَا» يعني النبي وعليا $ «وَأَنفسَكم» من شئتم من رجالكم، وإنما أمر بإحضار الذرية منهم؛ لأن عادة اللَّه تعالى في الاستئصال أن يصيب البالغين عقوبة وللذرية محنة، «ثُمَّ نَبْتَهِلْ» قيل: نتضرع في الدعاء، عن ابن عباس، وقيل: نخلص في الدعاء عن مقاتل، وقيل: نجتهد، وقيل: نلتعن فنقول: لعن اللَّه الكاذب «فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» منا.

  · الأحكام: تدل الآية على صحة الاحتجاج والقياس؛ لأنه تعالى أزال تعجبهم وشبهتهم بذكر آدم، وقد وقع الإقرار به من الكل، ويدل قوله: «فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ» على بطلان قول أصحاب المعارف.

  وتدل آية المباهلة على معجزة عظيمة لنبينا ÷ حيث امتنعوا من المباهلة، وأخبر عما يكون لو باهلوا.

  وتدل على أن اسم الأبناء ينطلق على اسم ولد البنات؛ لأن المتفق عليه أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين، وعن أبي حنيفة فيه روايتان لو أوصى لبني فلان هل يدخل ولد البنات فيه، ومنهم من يقول: هو خاص بهما دون غيرهما، ويروى عن النبي، ÷: «كل بني أنثى ينتمون إلى أبيهم إلا ابني فاطمة فأنا أبوهما وعصبتهما».