التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم 62 فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين 63}

صفحة 1191 - الجزء 2

  · الإعراب: في قوله: «هو القصص» قولان:

  أحدهما: أنه عماد عند الكوفيين، ولا موضع له من الإعراب؛ لأنه في حكم الحرف، و (القصص) خبر (إن)، و (هو) زيادة.

  وثانيها: أن يكون اسمًا موضعه رفع بالابتداء، و (القصص) خبره، والجملة خبر عند البصريين.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى بعد اقتصاص حديث المباهلة، وإخبار القوم أن الحق ما هو عليه، فقال تعالى: «إِنَّ هَذَا» قيل: ما مضى من ذكر عيسى وغيره، وقيل: إن هذا الوحي والذكر «لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ» أي الحديث الصدق، فمخالفتكم إياه مع وضوح الأمر فيه عناد منكم «وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ» أي ظهر وصح أنه لا يستحق أحد العبادة غير اللَّه، وأن عيسى عبده ورسوله «وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» القادر على مكافأة كل أحد، لا يمتنع عليه شيء «الْحَكِيمُ» العليم بأحوال كل أحد فيجازيه بحسب حاله، وقيل: المحكم لتقديره، وأشار بهذا إلى أن الإلهية لا تصح إلا بهاتين الصفتين، وهو أن يكون قادرًا لا يمتنع عليه شيء عالمًا لا يخفى عليه شيء، ويختص بذلك القادر لذاته، العالم لذاته، وذلك مما يختص به القديم تعالى، منفي عن عيسى وغيره «فَإِنْ تَوَلَّوْا» أعرضوا عن هذا الذكر، وقيل: عن الإيمان وقبول الحق، وقيل: عن المباهلَة «فَإنَّ اللَّه عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ»، وقيل: هذا وعيد، يعني أنه عليم بمن يعبد غيره، ويعتقد الباطل، كما تقول: أنا أعلم بشر فلان وما يفعله، عن أبي مسلم، وقيل: هو يعلم من يفسد عباده ويصد عن الحق، عن الأصم، وقيل: هو إخبار عنهم أنهم لا يجيبون إلى المباهلة، وتقديره: واللَّه عليم بهَؤُلَاءِ المفسدين أنهم لا يجيبون إلى المباهلة من حيث عرفوا أنك نبي صادق، وإن كتموا حسدًا، عن أبي مسلم.