باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
  قضاء عليه، ولأنه يتبين أنه أكل ليلاً، وأنه قد أتم صومه.
  فأما من تسحر وهو شاك في الفجر فلا يفسد صومه؛ لأن الليل متيقن، والفجر مشكوك فيه، وقد بينا أن الشك لا يزيل حكم اليقين، وأن سبيله سبيل من أكل في يوم الشك في أنه لا يلزمه القضاء [ما لم يتبين أنه كان يوم الصوم.
  فإن بان له أنه كان الفجر قد طلع لزمه القضاء](١)؛ لأنه يكون قد أكل نهاراً، ويكون(٢) سبيله سبيل من أكل في يوم الشك ثم بان له أنه كان من رمضان في أن عليه القضاء.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن القضاء لا يلزمه؛ لأنه تسحر وهو لا يعلم بطلوع الفجر؛ وهو غير مخاطب بالصوم فيه، وذلك أن الله تعالى أمر بالصوم من عَلِم طلوع الفجر، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّيٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ اُ۬لْخَيْطُ اُ۬لْأَبْيَضُ مِنَ اَ۬لْخَيْطِ اِ۬لْأَسْوَدِ مِنَ اَ۬لْفَجْرِۖ}[البقرة: ١٨٦]، ومن لم يتبين له ذلك لا يكون مخاطباً بالصوم؟
  قيل له: ليس المراد أن يتبين ذلك لكل أحد على الانفراد، ألا ترى أن المحبوس في الظلمة قد لا يتبين له ذلك، ولا يزول عنه حكم الفرض أداء أو قضاء، وكذلك الضرير، وإنما المراد أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في نفسه، كما روي عن عدي بن حاتم أنه قال لرسول الله ÷: إني وضعت عند رأسي(٣) عقالاً أبيض وعقالاً أسود، فآكل حتى يتبين لي الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ فعرفه ÷ أن المراد بذلك حتى يتبين الليل من النهار(٤).
  على أن زوال الخطاب بالصوم لا يمنع وجوب القضاء؛ ألا ترى أن الحائض غير
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٢) في (ب، ج، د): أو يكون.
(٣) في (ب): وسادي. وفي (د): عند وسادتي خيطاً أبيض وخيطاً أسود.
(٤) أخرج نحوه المرشد بالله في الأمالي (١/ ٣٨٣) والبخاري (٦/ ٢٦)، ومسلم (٢/ ٧٦٦).