شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يستحب ويكره من الصيام

صفحة 263 - الجزء 2

  فإن قيل: روي عنه ÷ أنه قال: «إن الله تعالى وضع عن أمتي الصوم في السفر وشطر الصلاة».

  قيل له: هو محمول على أن الموضوعَ عنهم تَضَيُّقُ وجوبه، بالأدلة التي ذكرناها.

  وقلنا: إن وجوب القصر وجواز الفطر معاً إذ قد ثبت أنهما جميعاً حكم السفر، فإذا حصل الإنسان مسافراً حصل الحكمان؛ ولأنه لا خلاف في هذه الجملة، وإنما الخلاف في حد السفر، وفي وجوب القصر، وفي جواز الإفطار، وقد مضى في الجميع ما يغني عن إعادته.

مسألة: [فيمن يدركه الصوم وهو مقيم ثم سافر]

  قال: وإن أدركه الصوم وهو مقيم فإنه يصوم ما أقام، ويفطر إن شاء إذا سافر.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام، وظاهره يقتضي أنه لا فصل بين أن يبتدئ السفر في شهر رمضان قبل الفجر أو بعده.

  وقول أبي حنيفة والشافعي: إنه يفطر إن خرج قبل الفجر، وإن خرج بعد الفجر صام ولم يفطر.

  ودليلنا في ذلك قول الله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٨٤]، فمن حصل مسافراً جاز له الإفطار؛ لأنه تعالى لم يستثن للسفر وقتاً من وقت؛ ولأن حمزة الأسلمي لما سأله عن الصوم في السفر قال له: «إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر»، ولم يشترط ÷ أن يكون ابتدأه قبل الفجر، فاقتضى ظاهره جواز الإفطار لكل مسافر.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُ۬لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ}، فأوجب الصيام.

  قيل له: قد استثنى المسافر بما عقبه من قوله: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}⁣[البقرة: ١٧٤].