شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة

صفحة 177 - الجزء 2

مسألة: [في أن من يملك ما تجب فيه الزكاة لا يجوز له أن يأخذ من الزكاة]

  قال: ولا يجوز لأحد أن يأخذ من الصدقة وله من أي أصناف الأموال ما تجب فيه الصدقة.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ووجهه قول الله تعالى: {إِنَّمَا اَ۬لصَّدَقَٰتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَٰكِينِ}⁣[التوبة: ٦٠]، وقد ثبت أن من ذكرنا غني؛ لقول النبي ÷ لمعاذ: «أعلمهم أن عليهم في أموالهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم»، فجعل المأخوذ منه الصدقة غنياً، والمردود عليه فقيراً، ففي هذا أن كل من أخذت منه الصدقة غني حكماً، فلا يجوز أن يعطى من الصدقة شيئاً كسائر الأغنياء؛ لحصول اسم الغنى له.

  فإن قيل: لا يمتنع من جهة العرف أن يسمى الرجل فقيراً إذا كان ضعيفاً في نفسه، وكانت عائلته كثيرة، وإن كان له ما تجب فيه الصدقة، بل يبعد أن يسمى من كانت هذه صفته غنياً.

  قيل له: لا يمتنع أن يكون الحال من جهة العرف ما ذكرت، إلا أن الشرع قد جعل له سمة الغنى بما ذكرناه من الخبر، وأسماء الشرع أولى بأن تحمل عليها أحكام الشرع من أسماء العرف، فصح ما ذهبنا إليه، على أنه لا خلاف أن من له الأموال الكثيرة لا يجوز أن يعطى من الصدقة شيئاً، وأن من له اليسير منها يجوز أن يعطى منها، ولم يكن بد من فرق، فكان⁣(⁣٢) أولى الفروق⁣(⁣٣) ما نبه الشرع عليه، وقد نبه على أن المأخوذ منه غني، والمردود عليه⁣(⁣٤) فقير، فصح ما ذهبنا إليه.


(١) الأحكام (١/ ١٩١).

(٢) في (د): وكان.

(٣) في (أ): بالفروق.

(٤) في (ب): إليه. وفي (د): فيه.