شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الزكاة

صفحة 27 - الجزء 2

مسألة: [في أن الخراج لا يسقط العشر]

  والخراج لا يسقط العشر، بل يجمع بينهما.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١)، وهو قول القاسم # فيما روى عنه النيروسي.

  والذي يدل على صحة ما نذهب إليه من إيجاب العشر في أرض الخراج قول الله تعالى: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ}⁣[الأنعام: ١٤١]، وقوله تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَ۬لْأَرْضِۖ}⁣[البقرة: ١٦٧]، وقول النبي ÷: «فيما سقت السماء العشر»، ولم يستثن في شيء من ذلك أرض الخراج، فاقتضت هذه العمومات إيجاب العشر في أرض الخراج وجوبه في غيرها.

  فإن قيل: إن عمر حين وضع الخراج على أرض السواد بمحضر من الصحابة لم يطالبهم بالعشر.

  قيل له: يجوز أن يكون ترك المطالبة بالعشر لأن أهلها لم يكونوا أسلموا، أو لأن من أسلم منهم كان مؤتمناً فكان يخرجه من غير مطالبة.

  ويحتمل أيضاً أن تكون المطالبة لم تنقل؛ لظهورها؛ ولأن سبيلها كانت سبيل غيرها من الأراضي، وإنما نقل من حالها ما تميز عن أحوال سائر الأرضين.

  فإن قيل: لا يجوز أن يجتمع الخراج والعشر؛ لأن سببيهما متنافيان؛ لأن سبب الخراج الكفر، وسبب العشر الإسلام.

  قيل له: حكم الخراج باق بالإجماع مع انتفاء السبب الموجب له من الكفر وحصول السبب الموجب للعشر [و] هو الإسلام، وإذا جاز أن يبقى الخراج مع انتفاء السبب الموجب له فبالأولى أن يلزم العشر مع وجود السبب الموجب له.


(١) الأحكام (١٦٨).