باب القول في الظهار
  فوجب أن يصح الظهار منها، والعلة أنها زوجة. ويكشف ذلك ويوضحه أن تحريمها من جهة القول يمكن كما يمكن تحريم الحرة.
مسألة: [في ظهار الرجل من أم ولده أو مملوكته]
  قال: ولو ظاهر الرجل من أم ولده أو مملوكته لم يكن ذلك ظهاراً.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١). وبه قال زيد بن علي @، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وروي عن مالك: أنه يكون مظاهراً.
  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ}[المجادلة: ٣] وإذا قيل: «نساء الرجل»، و «امرأة الرجل» كان ذلك محمولاً على الزوجات عرفاً، فوجب أن يحمل على ذلك قوله تعالى: {وَالذِينَ يَظَّهَّرُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ}.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ اَ۬لصِّيَامِ اِ۬لرَّفَثُ إِلَيٰ نِسَآئِكُمْۖ}[البقرة: ١٨٧] فدخل فيهن الزوجات والإماء.
  قيل له: ظاهر الآية في الزوجات، والإماء يدخلن فيهن بالدلالة.
  ويدل على ذلك أيضاً أنها ليست بزوجة يلحقها الطلاق، فوجب ألا يلحقها الظهار [دليله الأجنبية، أو يقال: لا يلحقها الطلاق فوجب ألا يلحقها الظهار](٢) دليله زوجة الصبي، أو المختلعة، أو المطلقة(٣) ثلاثاً.
  يوضح ذلك: أن الظهار كان طلاق الجاهلية، فنسخ ذلك بتحريم ترفعه الكفارة، فمن لم يصح فيها الطلاق لم يصح فيها الظهار(٤).
  ويدل على ذلك أيضاً أن تحريم ملك اليمين لا يصح من جهة القول؛ لأنه إذا
(١) الأحكام (١/ ٤١٢).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ج).
(٣) في (أ، ج): والمطلقة.
(٤) لفظ شرح مختصر الطحاوي (٥/ ١٧٣): كان الظهار طلاق أهل الجاهلية، فأبدل الله تعالى منه الطلاق، وجعله تحريماً ترفعه الكفارة، فلما لم يصح طلاق ملك اليمين لم يدخل فيما أبدل من الطلاق.