باب القول في اللواتي يحل ويحرم نكاحهن
  فإن قيل: هذا الوطء لا حد فيه، والحد من خصائص الزنا، فقد خالف الزنا في بعض خصائصه.
  قيل له: إن الزنا ليس الحد من خصائصه؛ لسقوطه عن المجنون والصبي إذا زنيا، وليس كذلك ما ذكرنا؛ لأنه حكم كل زان.
  فإن تعلقوا بشيء مما تعلق به أصحاب أبي حنيفة من الآية والخبر فالجواب على نحو ما مضى.
مسألة: [في أنه لا يجوز لامرأة المفقود أن تتزوج حتى تعلم ما يوجب الفرقة أو تقوم به شهادة]
  قال: ولا يجوز لامرأة المفقود أن تتزوج حتى توقن بموته، أو تقوم به شهادة عادلة.
  نص في الأحكام(١) على أنها لا تتزوج حتى تعلم خبره وتوقن بموته. وليس الغرض الموت فقط، بل الغرض ما يوجب الفرقة؛ لأنه لو صح أنه طلقها أو أنه ارتد جاز لها أن تتزوج كما يجوز للمطلقة وزوجة المرتد، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والشافعي.
  وحكي عن مالك أنها تتربص أربع سنين، ثم تعتد أربعة أشهر وعشراً ثم تتزوج، وهو قول الأوزاعي، وبه قال عمر بن الخطاب(٢).
  وذكر السيد أبو عبدالله الداعي ¥ أن المرأة إذا غلب في ظنها موت المفقود(٣) فإنها تتزوج. أعني بالمفقود زوجها.
  وقال القاسم #: عمر الإنسان الطبيعي الذي لا يعيش أكثر منه، وهو مائة وعشرون سنة، وبه قال أبو حنيفة.
(١) الأحكام (١/ ٣٢٨).
(٢) رواه عنه عبدالرزاق في المصنف (٧/ ٨٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٧٣٢).
(٣) في (ج): موت زوجها المفقود.