شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صلاة السفر والخوف

صفحة 639 - الجزء 1

مسألة: [في أن من خرج مسافراً يقصر حين تتوارى عنه بيوت أهله]

  قال: وإذا خرج الرجل مسافراً قصر حين تتوارى عنه بيوت أهله، في بَرٍّ سافر أو بحر، في بِرٍّ أو فجور.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  وقال في المنتخب⁣(⁣٢) حين سئل عمن يرى بيوت أهله من بريد: إن ذلك لا يكون؛ لأن البعد يمنع من ذلك. فدل على أن المراد بقوله: «حين تتوارى بيوت أهله» هو تفاصيل دور أهله دون جملها، إذ جمل البيوت والدور قد ترى من بريد وأكثر منه.

  وذكر يحيى بن الحسين ~ أن ذلك مروي عن النبي ÷.

  ومن طريق الاجتهاد أن ساحة البلد معدودة من البلد من طريق العادة، ومن رأى تفاصيل بيوت البلد يكون في ساحة البلد على غالب العادة، فوجب أن يكون حكمه حكم من في البلد.

  فأما ما يدل على أن الأسفار كلها في القصر سواء فهو الظواهر التي ذكرناها في صدر الكتاب، من قول ابن عباس: فرض الله على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين.

  وقول النبي ÷: «وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة». وغير ذلك من الأخبار الجارية مجراها، فإنها وردت مطلقة بذكر السفر من غير استثناء حال من حال.

  ومما يدل على ذلك أن المسافر مقيس على الحاضر، فكما أن الطاعة والمعصية لا تؤثران في تغيير عدد ركعات صلاة المقيم كذلك لا يؤثران في عدد ركعات المسافر، والمعنى أن كل واحد منهما مؤد لصلاة مكتوبة.

  ويمكن أن يقاس العاصي على المطيع بعلة⁣(⁣٣) وجود السفر من كل واحد منهما.


(١) الأحكام (١/ ١٢٦).

(٢) المنتخب (١٠٧).

(٣) في (أ): لعلة.