شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة

صفحة 179 - الجزء 2

  والأصل فيه: قوله ÷: «لا تحل الصدقة لغني»، ولو أعطيناه ما يوجب الغنى كنا قد أحللنا الصدقة للغني، وقد دللنا على أن حصول القدر الذي تجب فيه الزكاة يوجب الغنى.

  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن الصدقة إذا قبضها المستحق لها خرجت⁣(⁣١) عن أن تكون صدقة؟

  قيل له: هي صدقة ما دام ملكه قائماً فيها؛ بدلالة ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا علي بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: تصدق على بريرة بصدقة، فأهدت منها لعائشة، فذكرت ذلك للنبي ÷ فقال: «هو لنا هدية ولها صدقة»⁣(⁣٢).

  فدل ذلك على أنها تكون صدقة ما دام ملك المتصدق عليه بها قائماً.

  ووجه آخر، وهو أن تملكه الصدقة لما صادف حال الغنى لم يستقر.

مسألة: [في أنه لا يجوز لأحد صرف زكاته في أصوله وفصوله ومن تلزمه نفقته]

  قال: ولا يجوز أن يعطي أحد شيئاً من صدقته⁣(⁣٣) أباه ولا أمه ولا ولده، ولا مملوكه ولا مدبره ولا أم ولده، إلا أن يكون قد بت عتقهم، ولا أحداً ممن تلزمه نفقته، فأما من لم تلزمه نفقتهم من أقاربه وذوي أرحامه فلا بأس أن يعطيهم الرجل من زكاته، وهم أولى بها من غيرهم.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٤).

  أما الأبوان والأولاد والمملوك والمدبر وأم الولد فلا خلاف أنه لا يجوز


(١) في (د): المستحقون خرجت.

(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ١٣).

(٣) في (د): الصدقة.

(٤) الأحكام (١/ ٢١٢).