شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في التيمم

صفحة 349 - الجزء 1

  ضرب ضربة أخرى فمسح يديه⁣(⁣١)، وفي هذا ما يبطل مذهبكم.

  قيل له: ليس فيه علينا معترض، وذلك أن الجدار الجاف قد يكون عليه من الغبار ما يعلق بالكف، فلا يمتنع أن يكون الجدار الذي ضرب عليه النبي ÷ كان عليه التراب.

  فإن قيل: فقد روي أنه ضرب بيديه⁣(⁣٢) على الأرض ثم نفضهما ومسح وجهه⁣(⁣٣).

  قيل له: ليس فيه أنه نفضهما حتى لم يبق عليهما شيء، فليس لكم فائدة فيه.

  على أن التراب قد أقيم مقام الماء، فكما يجب أن يلاقي الماء العضو المغسول والممسوح فكذلك يجب أن يلاقيه التراب، والمعنى أن كل واحد منهما طهور.

مسألة: [في وجوب شراء الماء للطهارة بما لا يجحف]

  قال: وإن وجد الماء يباع بثمن غال وكان إخراج ذلك الثمن لا يجحف به لم يجزه التيمم.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٤).

  والوجه فيه: أنه لا خلاف في أن الإنسان بوجود الثمن واجد للماء إذا كان الثمن ثمن مثله، فيجب على هذا أن يكون سبيل الثمن سبيل الماء في أنه يجب عليه إخراجه بالغاً ما بلغ ما لم يجحف به. ويمكن أن يورد ذلك على سبيل القياس فيقال: إن اشتراءه بثمن مثله يجب بالإجماع ولا يجوز التيمم، فكذلك إذا كان بثمن غال بالغاً ما بلغ، والمعنى أن إخراج ثمنه لا يجحف به.

  يبين صحة هذه العلة: أن ثمن مثله إن كان مجحفاً لم يجب إخراجه، وإذا لم


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١/ ٢٠٦).

(٢) في (أ، ج): يديه.

(٣) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٨٩).

(٤) الأحكام (١/ ٨١).