باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة
باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة
  توضع الزكاة في الثمانية الأصناف الذين وصفهم الله في كتابه، وكلما استغنى صنف منهم رجعت حصته على المحتاج منهم. وللإمام أن يضع ذلك في صنف منهم إذا لم يكن فيه إجحاف بالباقين.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ولا خلاف في وضع الصدقة في الثمانية الأصناف، غير المؤلفة قلوبهم، فقد اختلف فيهم، وسنذكر فيه ما يجب إذا انتهينا إلى ذكرهم.
  واختلف في جواز وضعها في صنف منهم، فمذهب أبي حنيفة وأصحابه أن ذلك جائز، وذكر أبو بكر الجصاص في شرحه(٢) أنه مروي عن عمر وحذيفة وابن عباس، قال: وروي نحوه عن سعيد بن جبير وإبراهيم وأبي العالية، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، فصار ذلك إجماعاً.
  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {إِن تُبْدُواْ اُ۬لصَّدَقَٰتِ فَنِع۪مَّا هِيَۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا اَ۬لْفُقَرَآءَ فَهْوَ خَيْرٞ لَّكُمْ}[البقرة: ٢٧٠]، فأجاز إعطاءها الفقراء، وهم(٣) صنف واحد، وأخبر أنه خير لنا، فصح به ما ذهبنا إليه.
  ويدل عليه: حديث معاذ حيث قال له النبي ÷: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في(٤) أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم»، فاقتضى ذلك وجوب ردها في الفقراء، وهم صنف واحد.
  وهذا الذي اعتمدناه يكشف أن الصدقات كلها تستحق بالفقر دون ما سواه، وأن المذكور في الآية إنما هي أسباب الفقر(٥)، يبين ذلك قوله تعالى:
(١) الأحكام (١/ ١٨٦).
(٢) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٣٧٧، ٣٧٨).
(٣) في (أ، ب، ج): وهو.
(٤) «في» ساقطة من (أ).
(٥) في (د): للفقر.