باب القول فيما يرد به النكاح
مسألة: [في أن العنين لا يجبر على فراق زوجته]
  قال: ولا يجبر العنين على فراق زوجته.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١)، وهو قول القاسم #، وروي ذلك عن الحكم بن عتيبة.
  والأصل في ذلك: أن النكاح من حكمه أن يستدام ولا يثبت فيه خيار إلا بدلالة شرعية، ولا دلالة على ثبوت الخيار للمرأة.
  وروى أبو العباس الحسني | بإسناده عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ: أن امرأة جاءت إلى أمير المؤمنين علي # جميلة عليها ثياب حسنة فقالت: أصلح الله تعالى أمير المؤمنين، انظر في أمري فإني لا أيم ولا ذات بعل، فعرف أمرها فقال لها: (ما اسم زوجك؟) قالت: فلان بن فلان، فقال: (أفيكم من يعرفه؟) فأتي بشيخ كبير يدب، فقال له: (ما لامرأتك تشكوك؟) فقال: يا أمير المؤمنين، ألست ترى عليها أثر النعمة؟ أليست حسنة الثياب؟ فقال: (فهل عندك شيء؟) قال: لا، قال: (ولا عند السحر؟) قال: لا، قال: (هلكت(٢) وأهلكت) قالت: انظر يا أمير المؤمنين في أمري، قال: (ما أستطيع أن أفرق بينكما، ولكن اصبري)(٣).
  وروى هناد، عن وكيع، عن قبيصة، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ نحو ذلك، وروى أنها قالت: فما تأمرني يا أمير المؤمنين، قال: (تتقين الله تعالى وتصبرين، وما أستطيع أن أفرق بينكما) فدل ذلك على أنها لا خيار لها، وأنها مما يجب لها الصبر على ذلك أحبته أم كرهت.
  فإن قيل: فقد روي عن عمر أنه قال: يؤجل العنين سنة، فإن وصل إلى أهله
(١) الأحكام (١/ ٣٢٤).
(٢) في (أ، ج): فهلكت.
(٣) وروى نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٣٧٠).