باب القول في الضوال واللقط
مسألة: [في أن الضالة واللقطة بمنزلة الوديعة عند من هما في يده]
  قال: وإن بقيت في يده فهي أمانة عنده، وإن أتلفها ضمنها لصاحبها إذا طلبها. وقال في اللقطة بعد هذه المسألة: لا يجوز أكلها ولا استهلاكها، وعليه تعريفها، طال مكثها أو قصر(١).
  فكان تحصيل مذهبه في الضالة واللقطة أنهما بمنزلة الوديعة، وعليه التعريف.
  أما وجوب التعريف فقد مضى فيه ما كفى.
  وأما كونها بمنزلة الوديعة في أنها لا يجوز استهلاكها ولا أكلها فلقول النبي ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه»، وقوله ÷: «ضالة المسلم حرق النار»، فإذا جعلها ÷ مثل حرق النار لمن أراد ركوبها فمن أراد استهلاكها أولى به، وفي حديث زيد بن خالد قال: سئل رسول الله ÷ عن لقطة الذهب والورق فقال: «اعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم يعرفها أحد فاستنفع بها ولتكن عندك وديعة، فإن جاء لها طالب يوماً من الدهر فأدها إليه».
  فدل ذلك على أنها في حكم الوديعة، بل نص ÷ على ما ذهب إليه يحيى #.
  فإن قيل: ففي الخبر: «فعرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفع بها».
  قيل له: أما تعريفها سنة فلا ننكر، فإنا نقول: إنها تعرف سنة وأكثر(٢).
  فإن قيل: إذا كان حالها بعد السنة كحالها قبل السنة(٣) فلا فائدة لذكر السنة.
  قيل له: لا يمتنع أن تكون الفائدة لذكر السنة أن من ضاع له مال كان على طلبه أحرص ما كان الزمان قريباً، وربما يتركه إذا تراخت المدة، فجعلت السنة
(١) الأحكام (٢/ ١٤٨).
(٢) في (أ): أو أكثر.
(٣) في (ب، د، هـ): إذا كان حالها قبل السنة كحالها بعد السنة.