باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض
مسألة: [في بيع الحب القائم بالحب المحصود]
  قال: ولا يجوز أن يشترى زرع من بر محصود في سنبله ببر سواه، ولا أن يشترى اللبن الرائب بالزبد، إلا أن يكون الزبد الذي في اللبن أقل من الزبد المشترى به [اللبن](١).
  إن(٢) كان ما تجرد من(٣) السنبل عن البر له قيمة فيجب أن يكون سبيله سبيل بيع اللبن الرائب بالزبد في أن البيع يفسد متى لم يكن البر المشترى به أكثر من البر الذي في السنبل، فإن كان أكثر من ذلك صح البيع.
  ما ذهبنا إليه في اللبن والزبد إذا كان الزبد أكثر من الزبد الذي في اللبن به قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو قول زيد بن علي @، والخلاف فيه بيننا وبين الشافعي.
  فأما إن كان ما ينفرد عن(٤) السنبل مما لا قيمة له فالبيع فاسد على كل وجه؛ لأنه يكون بيع البر بالبر جزافاً، وهو فاسد بالإجماع والأثر الوارد فيه، وهو نهيه ÷ عن المحاقلة(٥)، وهي(٦) بيع الحب القائم بالحب المحصود.
  وقيل: إنها المزارعة، وهما لا يتنافيان؛ إذ لا بد فيه من اعتبار المماثلة.
  وأما مسألة الخلاف فوجه ما ذهبنا إليه أن الزبد إذا كان أكثر من الزبد الذي في اللبن كان مقدار ذلك الذي في اللبن من الزبد بمثله من الزبد، والفضل ثمن اللبن.
  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}[البقرة: ٢٧٤]، وقوله ø: {إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَٰرَةٌ عَن تَرَاضٖ مِّنكُمْۖ}[النساء: ٢٩].
(١) ما بين المعقوفين من (د، هـ).
(*) الأحكام (٢/ ٤٠، ٤١).
(٢) في (أ، ج): أو.
(٣) في (د): عن.
(٤) لعلها: من.
(٥) أخرجه البخاري (٣/ ٧٥) ومسلم (٣/ ١١٧٤).
(٦) في (أ، ب، ج، د): وهو.