باب القول في قسمة الخمس وفي الذين يوضع فيهم
مسألة: [في التسوية بين الذكر والأنثى المتمسكين بالحق ونصرته من ذوي القربى]
  قال: ويقسم بينهم(١) قسماً يسوى فيه بين الذكر والأنثى، من كان منهم متمسكاً بالحق ونصرته، فأما من صدف عنه منهم فلا حق له فيه.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام من كتاب السير(٢).
  وذهب الشافعي إلى أن للذكر مثل حظ الأنثيين.
  ووجه قولنا أنه مال مستحق للرجال والنساء على الإطلاق؛ إذ قد ثبت أن النساء قد أردن بقوله تعالى: {وَلِذِے اِ۬لْقُرْبَيٰ}، فكان سبيله سبيل مال أقر به لرجال ونساء معدودين من غير ذكر التفضيل، فالواجب أن يستوي فيه الذكر والأنثى، فوجب أن يكون كذلك سهم ذوي القربى؛ والعلة أنه جعل حقاً لرجال ونساء من غير ذكر التفضيل، فوجب التسوية. وهو قياس سهم اليتامى وسهم المساكين وسهم ابن السبيل في أنه لا يجب تفضيل الذكر على الأنثى فيه، والمعنى أنه من سُهْمَان الخمس.
  وليس هذا مما يصح للمخالف أن يعلله علينا بأن يقول: هذه السُّهْمَان لا يجب التسوية فيها بين الذكر والأنثى إذا رأى الإمام ذلك صلاحاً، وذلك أن لنا مثل هذا، وهو أنه قد تجب التسوية في هذه السُّهْمَان - أعني سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل - إذا رأى الإمام ذلك صلاحاً، فكلا الجائزين فيها على حد واحد، ويجوز أن يعترضا ويجوز ألا يعترضا، وما ذكرناه حكم ثابت، وهو أنه لا يجب التفضيل فيه بالذكورة، فصح ما بيناه قياساً واطرد.
  فقياسنا أولى من قياسهم سهم ذوي القربى على الإرث المستحق بنسب الأب في إيجاب تفضيل الذكور على الإناث؛ لأنا قسنا سهم الخمس على سهم الخمس، وهم قاسوا سهم الخمس على الإرث؛ ولأن قياسنا الأول تشهد له الأصول؛ لأن
(١) في (ب، ج، د): فيهم.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٨٤).