باب القول في المضاربة
  فأما من قال: إنما يصح قياساً على المساقاة فقد أبعد فيه؛ لأن المساقاة مختلف فيها، قد أبطلها خلق من العلماء، والمضاربة لا خلاف فيها، فكيف يجوز أن يكون المختلف فيه أصلاً للمتفق عليه؟ وهذا سهو من الشافعي.
  وما قلناه من أن الربح بينهما على ما يشترطانه والوضيعة على صاحب المال قد رويناه عن علي # في الخبر الذي ذكرنا، ولا خلاف فيه أيضاً، وقد نص عليه زيد بن علي @.
مسألة: [في اشتراط ربح معلوم للمضارب أو لصاحب المال]
  قال: ولا يجوز أن يشترطا لأحدهما ربحاً معلوماً من درهم فما فوقه، فإن اشترطا ذلك فسدت المضاربة وكان الربح لصاحب المال والوضيعة عليه، وللعامل أجرة مثله(١).
  وهو قول زيد بن علي @(٢)، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ولا أحفظ فيه عن غيرهم خلافاً.
  ووجهه: أنه إذا جعل لأحدهما ربحاً معلوماً(٣) خرج من باب الشركة، وهذا إذا كان المشروط له الزيادة هو المضارب، فإن كان هو صاحب المال كان ذلك ربا وحصل العامل على إجارة فاسدة، وإذا صار بمنزلة الإجارة الفاسدة وجب أن يكون للعامل أجرة مثله - كما يكون له ذلك في الإجارة الفاسدة - وأن يكون الربح لصاحب المال، ولا حق فيه للعامل؛ لبطلان الشركة.
  قال: وإن لم يشترطا في المضاربة في الربح أمراً معلوماً فسدت المضاربة(٤).
  وذلك أن الشركة تتعلق بالربح، فإذا لم يتبين ما يقتسمان(٥) عليه فسدت الشركة، وإذا فسدت كانت إجارة فاسدة على ما تقدم القول فيه.
(١) الأحكام (٢/ ٩٦) والمنتخب (٣٩٢).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (١٩٦).
(٣) كذا في المخطوطات، وظنن في هامش (د) بـ: ربح معلوم.
(٤) الأحكام (٢/ ٩٧) والمنتخب (٣٩١، ٣٩٢).
(٥) في (أ، ج، د): يقسمان.