شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الهدي

صفحة 581 - الجزء 2

  ولا خلاف بيننا وبين كل من أجاز البقرة في الدية أن عدد البقر ضعف عدد الإبل. ولا خلاف أن البدن أعلى من البقر في كفارة قتل الصيد، فثبت ما بيناه.

  وروى هناد بإسناده أن رجلاً جاء إلى ابن المسيب فقال: إن عليَّ بدنة، فأردت أن أقدم عنها صدراً أربعاً من الغنم وأدخر ثلاثاً، فقال سعيد: ما شأن سبع؟ إنما هي عشر؛ فقال: إن الناس يقولون ذلك، فقال: بيني وبين من يقول هذا مقاسم رسول الله ÷ للجيوش، جعل لكل عشرة شاة، ولكل مائة جزوراً.

  فأما بيان أن الشاة تجزئ عن ثلاثة فسيجيء في كتاب الأضاحي إن شاء الله تعالى.

  وأما قوله: «إذا كانوا من أهل بيت واحد» فالأقرب عندي أنه قال ذلك ليكون بعضهم أقرب إلى المعرفة بأحوال البعض، فيحيط العلم بأن مقصد الجميع مقصد واحد في باب القربة، وأنه ليس فيهم من غرضه اللحم، والله أعلم.

مسألة: [في الهدي إذا ضل ثم وجد]

  قال: ولو أن سبعة اشتركوا في بدنة واجبة فضلت فعليهم أن يبدلوا بدلها، فإن وجدوها قبل أن ينحروا الثانية فلينحروا أيهما شاءوا، وينتفعوا بثمن الأخرى، وإن اشتركوا في هدي تطوعاً فضل عنهم ثم وجدوه بعدما أخلفوا مكانه غيره وجب عليهم أن ينحروهما جميعاً.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ووجه الفرق بين المسألتين: هو أن البدنة إذا كانت واجبة فضلت كانت الثانية بدلاً عنها، فإذا وجدت الأولى لم يجب نحرهما؛ لأنه لا يجب البدل والمبدل معاً في شيء من الأصول، بل أحدهما يجزي عن الآخر، وإذا كانت تطوعاً فالثانية ليست بدلاً له؛ إذ هو مما لا يجب أن يكون له بدل، فكأنهم تطوعوا بالثانية ابتداءً، فيجب ألا يرجعوا فيما جعلوه لله تعالى، فاستوى فيه حكم الأولى والثانية.


(١) الأحكام (١/ ٢٥٣).