باب القول في الشهادات
باب القول في الشهادات
  لا تجوز شهادة الفاسق، ولا الصبي، ولا الشريك لشريكه، ولا الجار إلى نفسه(١).
  أما شهادة المجاهر بفسقة فلا خلاف أنها لا تقبل؛ لأن الفسق مناف للعدالة، والمجاهر بالفسق لا يكون عدلاً، وقد قال الله ø: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ}[الطلاق: ٢]، وقال: {مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ اَ۬لشُّهَدَآءِ}[البقرة: ٢٨١]، ومن يرضاه المسلمون لا يكون فاسقاً.
  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $: (لا تجوز شهادة متهم، ولا ظنين(٢)، ولا محدود في قذف، ولا مجرب في كذب، ولا جار إلى نفسه ولا دافع عنها)(٣).
  والصبي أيضاً لا خلاف في أن شهادته لا تقبل في الحقوق، وعلى(٤) البالغين، وإنما الكلام في جواز شهادته على مثله في الشجاج وما جرى مجراها، وسيأتي الكلام فيه في موضعه. ووجه منع شهادته ما قدمناه من أن العدالة معتبرة فيها، والصبي لا يكون عدلاً؛ لأن العدالة ترجع إلى أفعاله واعتقاداته، ولا حكم لأفعاله وأقواله واعتقاداته(٥)؛ إذ لا تكليف عليه، فهو بمنزلة المجنون، وقد قال النبي ÷: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم».
  والشريك لا تقبل شهادته لشريكه فيما هو شريك له فيه؛ لأنه يكون شاهداً
(١) الأحكام (٢/ ٣٥٧) والمنتخب (٥٢١).
(٢) فسر في المنهاج الظنين في حديث الأصل بكثير التظنن هل كان هذا أو لم يكن، قال: لأنه # قد ذكر المتهم فلا يحمل على معناه. ونحوه في المصباح، فقال: المحفوظ في الرواية أنه بالتشديد، أي: كثير السهو والغفلة. (الروض النضير ٤/ ٨٥).
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٣).
(٤) في (هـ): «على» بدون واو.
(٥) «واعتقاداته» ساقط من (أ، ج).