باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية
مسألة: [في المستعطش والهرم الذي لا يطيق الصيام]
  ومن لم يصبر على العطش من الرجال والنساء يلزمه إطعام مسكين عن كل يوم أفطره، وكذلك الهرم الذي لا يطيق الصيام.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  والأصل فيه: حديث زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عن علي $ قال: لما أنزل الله تعالى فريضة شهر رمضان أتى النبي ÷ صاحبُ العطشِ فقال: يا رسول الله، هذا شهرٌ مفروضٌ، ولا أصبرُ عن الماءِ ساعةً واحدةً، فقال: «انطلقْ فأفْطِرْ، فإذا أطَقْتَ فَصُمْ»، وأتاه شيخ كبير يتوكأ بين رجلين فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفترض، ولا أطيق الصيام، فقال: «اذهب فأطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاع».
  وروي عن ابن عباس أنه كان يقول ذلك في الهم، ويقرأ: {وَعَلَي اَ۬لذِينَ يُطِيقُونَهُۥ}(٢) [البقرة: ١٨٣]، ويتأوله في الشيخ الهم، ويقول: إن معناه لا يطيقه، وهذه القراءة وإن لم تكن في الشهرة بحيث يجوز أن يُقرأ بها فإنه يجوز أن يؤخذ بحكمها؛ لأنها تجري مجرى خبر الواحد.
  وأخبرنا محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن شعيب، قال: حدثنا أحمد بن هارون، عن ابن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي $ قال: «الشيخ الكبير إذا عجز عن الصيام أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً».
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اُ۬للَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَاۖ}[البقرة: ٢٨٥]، وهو غير قادر على الصوم، فكيف يُكلِّفه؟
(١) الأحكام (١/ ٢٣٧).
(٢) في البخاري (٦/ ٢٥): سمع ابن عباس يقرأ: «وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين» قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. اهـ وذكر هذه القراءة في الكشاف (١/ ٢٢٦).