باب القول في الإيلاء
  فإن قيل: فهذا يوجب أن الرجوع باللسان يكفي وإن قدر على الجماع.
  قيل له: هذا هو حكم الظاهر، لكن لما أجمعوا على أن الفيء باللسان مع القدرة على الجماع غير كاف قلنا به. وأيضاً لما وجدنا المولي له الخيار بين الفيء والطلاق في إسقاط حكم الإيلاء، وكان يصح وقوع الطلاق من جهة القول - وجب أن يصح وقوع الفيء من جهة القول، والمعنى أن كل واحد منهما مما جعل للمولي اختياره. وليس لأحد أن يقول: إن قولكم في الطلاق: إنه [يصح] من جهة القول لا معنى له؛ لأنه لا يصح إلا من جهة القول، وما كان كذلك لم يعبر عنه بأنه يصح، بل يعبر عنه بأنه يجب، وذلك أن الطلاق يصح(١) وقوعه بالكتابة(٢) دون القول، فصح ما أطلقناه من العبارة. على أنه قد ثبت عندنا وعند أبي حنيفة أنه يقع القول في الرجعة موقع الوطء، فوجب أن يقع ذلك موقع الوطء في الإيلاء، والمعنى أن كل واحد منهما رجوع من الزوج في حكم ما ألزم نفسه في النكاح. وأيضاً لا خلاف أن الحاكم لا يطالبه بالوطء للمرأة في مجلس الحكم، ولا في الحبس الذي معه فيه غيره، وأنه إذا قال: «قد فئت» يؤجل حتى ينصرف إلى موضعها، فيقع القول إذ ذاك موقع الوطء، وكذلك إذا كان مريضاً أو مسافراً، والعلة أن له عذراً في ترك الوطء، وكل مول له عذر في ترك الوطء قام فيه القول مقام الوطء في إسقاط المطالبة عنه بالفيء.
مسألة: [في العاجز إذا قدر على الوطء قبل مضي مدة الإيلاء أو بعدها]
  قال: وإذا آلى الرجل من امرأته أربعة أشهر ثم أراد أن يفيء قبل مضي أربعة أشهر ولم يقدر على الجماع فاء بلسانه، وإن قدر على الجماع لم يجز أن يؤخره ساعة، وإن كانت المسألة بحالها لكن أراد أن يفيء إليها بعد مضي أربعة أشهر لم يضيق عليه تأخير الجماع بعد القدرة عليه.
(١) «يصح» ساقط من (أ).
(٢) في (أ): بالكناية.