باب القول فيما يرد به النكاح
مسألة: [في ثبوت الخيار للحر إذا دلست عليه الأمة فتزوجها على أنها حرة، وكذا لسيدها]
  قال: وإذا دلست الأمة نفسها على الحر فتزوجها على أنها حرة فسخ النكاح أيهما شاء من الزوج أو سيد(١) الأمة.
  وهذا مما تقتضيه أصول يحيى #؛ لأنه قد نص على أن نكاح الأمة لا يصح بغير إذن سيدها، ونص أيضاً على أن النكاح يوقف على الإجازة، وعلى أن المغرور له أن يرد ما غر به.
  أما ما قلناه من(٢) أن سيدها يفسخ النكاح إن شاء فالخلاف فيه مع الشافعي من وجه أنه لا يجيز النكاح الموقوف، فاقتضى أصله فساد هذا النكاح، فلم يكن للفسخ فيه مسرح، وما قدمناه من جواز النكاح الموقوف يفسد قوله ويوضح ما ذكرناه.
  وما ذكرناه من أن للزوج أن يفسخ النكاح فالخلاف فيه مع أبي حنيفة؛ لأنه لا يوجب رد المرأة بشيء من العيوب، وما قدمناه من أن النكاح يرد بالجنون والجذام والبرص والرتق يدل على صحة هذه المسألة؛ إذ لا أحد فرق بين الرق في المرأة وبين سائر العيوب فيها في رد النكاح به؛ لأن من أوجب الرد بها أوجب الرد بالرق، ومن أبى الرد بها أبى الرد بالرق؛ فإذا ثبت جواز الرد بسائر العيوب التي ذكرناها ثبت الرد بالرق.
  ومما يدل على ذلك أيضاً أنه لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة وأصحابه أن الحرة إذا دلس عليها العبد نفسه كان لها الخيار في فسخ النكاح، فوجب أن يكون ذلك سبيل الحر إذا دلست الأمة عليه نفسها، والعلة أنه نكاح عقد على التغرير بالرق فوجب أن يكون للمغرور الخيار.
(١) في (ج): وسيد.
(٢) «من» ساقطة من (أ، ج).