باب القول في القسمة
باب القول في القسمة
  إذا مات الرجل وخلف تركة وورثة فيهم غُيَّب وصغار وطلب الكبار الحاضرون قسمتها كان للحاكم أن يقسمها بينهم، ويستحب إحضار الغيب، فإن لم يفعل جاز(١).
  اعلم أن القسمة كلها في معنى البيع وجارية مجراه؛ لأن حق كل واحد من الشركاء شائع في الجميع، فإذا فرز حق أحدهم كان قد جعل غيره عوضاً عما جعل من حقه لذلك الغير، وهذا هو البيع؛ لأنه يُمَلِّك كلُّ واحد منهما صاحبَه ما ملَّكه بعوض أخذه منه.
  وذهب أبو بكر(٢) إلى أن القسمة فيما يكال أو يوزن ليس فيها معنى البيع، [ومعنى البيع](٣) في سائر الأشياء التي تقوم للقسمة.
  وليس ذلك كذلك؛ لأن الذي بيناه حاصل فيما يكال ويوزن كحصوله فيما لا يكال ولا يوزن، ودخول التقويم فيما لا يكال ولا يوزن لا يخصصه بالبيع دون ما لا يدخله التقويم مما يكال ويوزن؛ لأنه قد يقوم الشيء لا للبيع، وقد يباع بغير تقويم [وإنما يدخل التقويم في القسمة حيث يدخل التعديل للأنصباء فقط، وأما إذا أمكن التعديل بغير التقويم](٤) لم يحتج إلى التقويم، فإذا ثبت ذلك فالقياس ألا يجبر أحد على القسمة؛ لأنها بمعنى البيع، ولا يجبر أحد على بيع ملكه مع سلامة الأحوال؛ لكن المسلمين أجمعوا على أن القسمة تجب ويجبر عليها من أبى من الشركاء إذا تعلق النفع والصلاح بها ولم يكن على الشركاء فيها ضرر، فعدلنا عن القياس واتبعنا الإجماع.
(١) المنتخب (٥٥٩، ٥٦٠).
(٢) شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٤٥٧).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).