شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الوكالة

صفحة 283 - الجزء 6

مسالة: [في تصرف أحد الوكيلين منفرداً]

  قال: ولو أن رجلاً وكل وكيلين في بيع أو شراء أو طلاق أو غير ذلك وقال لكل واحد منهما: قد وكلتك فيه - فلهما أن يمضيا ذلك مجتمعين ومفترقين⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأنه إذا أفرد كل واحد منهما بالتوكيل كان كل واحد منهما وكيلاً مطلقاً على الانفراد.

  قال: فإن قال: وكلتكما على أن تجتمعا فيه فليس لواحد منهما أن يمضيه منفرداً عن صاحبه، فإن أمضاه كان مردوداً⁣(⁣٢).

  وهذا كما قال؛ لأنه جعلهما جميعاً في حكم الوكيل الواحد، وشرط اجتماعهما، فكان الاجتماع شرطاً في وكالتهما، فمتى لم يجتمعا وأمضيا منفردين كان كل واحد منهما في حكم الأجنبي، إذ هو وكيل بشرط الاجتماع، فوجب أن يرد ما أمضاه؛ ولأنه خالف الموكل، فلم يصح ما فعله.

  وإن⁣(⁣٣) وكلهما وكالة مبهمة جاز انفراد كل واحد منهما بالبيع، ولم يجز في الطلاق.

  وقد اختلف في ذلك، فذهب أكثر العلماء وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يجوز انفراد كل واحد منهما بشيء من ذلك.

  ووجه ما ذهب إليه في البيع وما جرى مجراه أنه قال⁣(⁣٤): إذا قال: «وكلتكما» ولم يذكر الانفراد ولا الاجتماع فهو في الحكم كأنه ذكر الانفراد؛ لأن قوله: «وكلتكما» يجري مجرى قوله: وكلت فلاناً ووكلت فلاناً على الانفراد، ألا ترى إلى قوله: ضربتهما أنه يفيد ضرب كل واحد منهما، منفردين كانا أو مجتمعين، ولا


(١) المنتخب (٥٨٠).

(٢) المنتخب (٥٨٠).

(٣) في (أ، ج): فإن.

(٤) كذا في المخطوطات، ولعلها: أنه إذا قال.