باب القول في ستر العورة والثياب التي يصلى فيها وعليها
  ترك القيام في النفل إلى القعود مع القدرة على القيام، وليس له أن يترك ستر العورة مع القدرة عليه؟ ولأن ستر العورة مأخوذ عليه في جميع الصلاة من أولها إلى آخرها؛ ولأنه ليس له تركه في عامة أحواله وإن لم يكن مصلياً؛ ولأن القيام يترك إلى بدل، وليس يترك ستر العورة إلى بدل، فكانت هذه الوجوه كلُّها دالة على أن فرض ستر العورة أوكد من فرض القيام، فإذا ثبت ذلك صح ما اختاره يحيى بن الحسين # من الصلاة قاعداً للعريان.
  وليس لأحد أن يقول: إن العريان قادر على القيام عاجز عن ستر العورة، فليس له أن يترك القيام لعجزه عن غيره؛ لأنا قد بينا أنه لا بد له من ترك أحدهما بصاحبه، يوضح ذلك أنه إذا قعد يمكنه من ستر عورته ما لا يمكنه إذا قام.
  فإن قيل: لا معنى لترك ثلاث فرائض التي هي: القيام والركوع والسجود لفرض واحد الذي هو ستر العورة.
  قيل له: نحن قد بينا أن ستر العورة أوكد في كل حال من هذه الفرائض التي ذكرتها؛ ألا ترى أن ستر العورة مأخوذ عليه في جميع الصلوات، بل في عامة الأحوال، وليس كذلك القيام ولا الركوع ولا السجود، وكل واحد من هذه الفروض(١) متروك إلى بدل، وليس كذلك ستر العورة، فبان أنه أوكد منها.
مسألة: [في صلاة العريان في الماء وكيف تكون جماعة العراة]
  قال: والواقف في الماء يصلي قائماً إن كان الماء كثيراً، أو قاعداً إن كان يسيراً، يومئ في كل ذلك للركوع والسجود، وإن كانت العراة جماعة وأراد أحدهم أن يؤمهم قعد الإمام بينهم، واصطف العراة عن يمينه ويساره، وكذلك يفعل الوقوف في الماء إن أراد أحدهم أن يؤمهم إذا كان الماء صافياً لا يستر عوراتهم، وإن كان كدراً يسترها تقدمهم الإمام.
(١) في (ب): الفرائض.