شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما تضمن به النفس وغيرها وما لا تضمن

صفحة 395 - الجزء 5

مسألة: [فيمن أمر غيره أن يحفر له بئراً فحفر له ثم عنت فيه عانت]

  قال: ولو أن رجلاً استحفر رجلاً بئراً في ملكه فحفر له ثم عنت فيه عانت فلا ضمان على المستحفر ولا الحافر⁣(⁣١).

  ووجهه: أن عنت من عنت فيها ليس بفعل المستحفر⁣(⁣٢) ولا الحافر، ولا كان منهما تعد في سببه، وهو الحفر؛ لأن الحفر وقع في ملك المستحفر، فلا وجه لتضمين واحد منهما، وهذا مما لا خلاف فيه.

  قال: فإن استحفره في شيء من طريق المسلمين فعنت فيه عانت ضمنه الحافر [إذا علم]⁣(⁣٣) دون المستحفر.

  ووجهه: أن الحافر تعدى في الحفر، وهو سبب الوقوع فيه، فيجب أن يضمنه؛ لأنه لم يكن له أن يحفر في طريق المسلمين، وأما المستحفر فلا شيء عليه؛ لأنه لم يكن منه إلا الأمر المجرد، فلم يجب أن يضمن.

  قال: فإن كان الحافر عبداً كانت جنايته في رقبته.

  كسائر جناياته في أنها في رقبته، فإن شاء مولاه فداه، وإن شاء سلمه كما نقول في سائر الجنايات، وهذا إذا كان العبد مأذوناً له في أن يؤاجر نفسه.

  قال: إلا أنه إن كان مأذوناً له في أن يؤاجر نفسه لم يرجع سيده على المستحفر بشيء.

  لأنه غير غاصب له، فلا شيء عليه.


(١) الأحكام (٢/ ٢٣٩).

(٢) في (أ، ج): للمستحفر.

(٣) ما بين المعقوفين من الأحكام (٢/ ٢٣٩). ولفظ التحرير (٥٤٩): ضمنه الحافر دون المستحفر إذا علم الحافر ذلك. قال في شرح القاضي زيد: قال أبو العباس: معنى قوله: إذا علم الحافر ذلك إذا علم أن الموضع الذي يستحفر فيه من طريق المسلمين، فإنه إذا لم يعلم ذلك وغره المستحفر بأن الموضع ملك له لم يكن عليه شيء، وكان الغرم على عاقلة المستحفر.